اقرأ قبل أن تذهب إلى الطبيب النفسي !

يعرف بعض أصدقائي المقربين أنني مررت بتجربة سيئة وصعبة خلال فترة عملي في الأمم المتحدة بروما، حيث وقعت تحت براثن مديرة نرجسية، حولت حياتي إلى جحيم، دون أن تقوم بأي خطأ مباشر تجاهي، كانت بارعة في امتصاص طاقة من يعملون معها، والخروج من أي مواجهة معها بلعب دور الضحية ببراعة.

 

ولم أكن الوحيدة التي تعرضت لهذا الأذى منها، وإنما كل الفريق بلا استثناء، دون أن يتمكن أحد من إيقافها عند حدها.

 

صورة تعبيرية

 

وعندما فكرت في اللجوء لشؤون العاملين بالمنظمة الكبيرة التي كنت أعمل بها، وفي منصب متميز جداً، ظناً مني أن الأمم المتحدة لديها من القوانين ما يحفظ حقوق موظفيها، فوجئت بالموظفة المختصة تنصحني بقراءة كتاب “المتنمرون في العمل – The Bully at Work”[1]، الذي يتضمن نصائح وإرشادات عن كيفية التعامل مع المتنمرين، واستعادة الكرامة في بيئة العمل.

 

“لطالما كان السؤال حول الهوية والعمل مصدر جدل، ففي عالم اليوم سريع الوتيرة ، من السهل الانغماس في العمل الجاد، مما يطمس الخطوط الفاصلة بين من نحن وماذا نفعل، فهل وظائفنا هي التي تحدد من نحن؟”

 

المضحك أنها اعتذرت لي عن عدم توافر أي نسخ لديها، حيث نفذت جميعاً، ونصحتني بشراء الكتاب.

 

غلاف كتاب المتنمرون في العمل

عرفت بعد ذلك من صديقة مقربة في العمل أنها مرت بنفس التجربة وأنها كانت أسعد حظًا مني حيث حصلت على نسخة من الكتاب من نفس الموظفة، ولم تضطر إلى شراء الكتاب.

 

طلبت مني الموظفة المختصة، إذا رغبت في رفع الشكوى لمستوى أعلى، أن أعمل تجميع أدلة ضد مديرتي بالتواريخ والإثباتات مع توثيق كامل لكل ما تقوم به ضدي وضد زملائي من إيذاء نفسي، في إجراء يحتاج إلى شهور طويلة للانتهاء منه، قبل أن يتم رفع الأمر للجنة الشكاوى.

 

 

صورة تعبيرية

 

ونصحتني بالطبع بالتوجه للمستشار النفسي الذي لم يضف جديداً لكل ما قالته، سوى أن زاد من شعوري بأنني كالفأر المذعور الموضوع في زاوية الحجرة في انتظار انقضاض القط عليه في أي لحظة.

 

اكتشفت من هذه التجربة أن بذل الكثير من الجهد إلى درجة التماهي مع العمل هو أمر شديد الخطورة.

 

كانت هذه التجربة واحدة من أسوأ تجارب العمل التي مررت بها، فها أنا ذا أحصل على وظيفة هي حلم للكثيرين، وخطوة مهمة في مشواري المهني، وظيفة مرموقة في الأمم المتحدة، وصلت إليها من خلال عملية تنافسية وصعبة جداً، وخضتها بنجاح، وانتقلت بأسرتي كلها إلى قارة أخرى سعياً وراء بداية جديدة في الحياة والعمل، لأجد نفسي عالقة في فخ لا أستطيع الخروج منه.

 

لن أطيل عليكم أكثر في التفاصيل، حيث تمكنت بحمد الله في الخروج من هذه الدائرة العصيبة إلى وظيفة أخرى وبلد آخر، لأثبت مقولة إننا لا نترك الوظيفة، وإنما نترك المدير السيئ.

 

صورة تعبيرية

 

ونستكمل باقي المقال الأسبوع القادم…

 

عن د. برلنت قابيل

د. برلنت قابيل أكاديمية وإعلامية مصرية، انضمت لكلية الإعلام، جامعة القاهرة كعضو هيئة تدريس فور تخرجها منها. حصلت على الماجيستير والدكتوراه في الاتصال والرأي العام من نفس الجامعة. شغلت منصب المسؤول الاقليمي للاتصال في مكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بالقاهرة، ثم عملت كمدير للترويج والتواصل في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (لاحقا هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة). انضمت للأمم المتحدة مرة أخرى في منصب خبير التوعية والتواصل في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في مقرها الرئيس بروما. وتعمل حاليا كمديرة للبرامج في مركز أبوظبي للغة العربية.

4 تعليقات

  1. عبد العاطي قابيل

    افادت التجربه الشخصيه للدكتوره برلنت في تقريب المفهوم العام للموضوع وتنوع خبراتها افادت في جعل الشرح موضوعي ومفيد من الناحيه العمليه والشخصيه

    • برلنت قابيل

      شكراً جزيلاً عمي العزيز. حاولت أن أوضح الموضوع من خلال تجربتي الشخصية، وأرجو أن أكون قد وفقت

  2. عبد العاطي قابيل

    افادت التجربه الشخصيه للدكتوره برلنت في تقريب المفهوم العام للموضوع وتنوع خبراتها افادت في جعل الشرح موضوعي ومفيد من الناحيه العمليه والشخصيه.

  3. أتفق معك في ضرورة تحقيق هذا التوازن الصعب الذي يحتاج إلى وعي وجهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *