أحدث الحكايا

الذكاء الاصطناعي .. هل يخدع الصورة الصحفية؟

لم يكن الاهتمام بالصورة في ذروته كما هذه الأيام، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي الذي أثار جدلا كبيرًا في الصور التي يمكن أن تطابق الواقع وفي بعض الأحيان ستفشل في أن تفرق بين الواقع والمصنوع في الصورة. هذا الأمر يثير التساؤلات أيضًا حول الصورة الصحفية ومدى مصداقيتها وتأثرها. ومن هنا تأتي أهمية كتاب «الصورة الصحفية..ما بين الفوتوغرافيا والذكاء الاصطناعي» للدكتورة شاهندة عاطف، والصادر عن دار العربي للنشر.

غلاف كتاب «التصوير الصحفي ..بين الذكاء الاصطناعي والفوتوغرافيا»

بداية الفكرة

حين تحدثت مع د. شاهندة حول الكتاب قالت إنها ترى أن دراسة الصورة من حيث ثقافتها مهم جدًا في عصر يعتبر عصر الصورة، وهو من أهم أهداف الكتاب حيث دراسة علاقات الصور بشكل عام و الصور الصحفية بشكل خاص في صياغة المزاج العام، و انكعاس دلالات الصور علي المجتمع و العكس في علاقة تبادلية.

وأكدت شاهندا أن ذلك انعكس في مبحث القصص الصحفية المصورة للحياة اليومية في مصر، والذي يرصد تغطية الصحافة المصورة للموالد الشعبية المصرية بكل معانيها ودلالاتها المختلفة التي تضرب بجذورها في الثقافة المصرية، وأيضًا دلالات الصورة الصحفية في محاكمات الرؤساء السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي و انعكاسها علي حالة الرأي العام في ذلك الوقت. وأخيرًا تقنيات الذكاء الاصطناعي في التصوير وتخليق الصور بشكل عام والصور الصحفية بشكل خاص مع دراسة ميدانية عن استخدامات الشباب لتطبيقات تعديل الصور والاشباعات المتحققة منها.

حكاية الكتاب

يقدم الكتاب ثلاث دراسات بصرية حول الصورة في الصحافة ووسائل الإعلام. ويأتي الكتاب مكونًا من فصلين: الفصل الأول يحتوي على ثلاث مباحث، الأول منها هو تمهيد لهذه الدراسات في مبحث بعنوان (نحو مقاربة لتحليل سميائية البحوث البصرية)، تستعرض فيه الكاتبة كيفية إداراك وقراءة وتفسير الصورة في وسائل الإعلام وربطها بقضايا اجتماعية وسياسية ونفسية وثقافية، وذلك من خلال تفكيك عناصرها وقراءة كل منها منفرداً من حيث شبكة العلاقات والمفردات والرموز والدوال والعلامات، عبر توظيف أداة التحليل السميولوجي في تحليل الصور.

أما المبحث الثاني فيتبلور حول دراسة القصة الصحفية المصورة على غرار القصص الخبرية، وهي عبارة عن مجموعة من الصور الصحفية ترتبط بوحدة موضوعية واحدة تقوم بتغطية خبر أو حدث واحد من خلال التقاط عدد كبير من الصور لهذا الحدث من جميع الابعاد والزوايا لتغطية الموضوع دون الحاجة لمادة تحريرية، وقد تم توظيف هذا الفن واللون من القصص الصحفية المصورة في عدد من الجوانب الصحفية منها تصوير وتوثيق الحياة اليومية والشارع في مصر وهو ما حاولت الكاتبة القاء الضوء عليه من خلال تحليل قصص صحفية مصورة عن الاحتفالات الدينية في مصر (المولد النبوي، مولد ماري جرجس) نموذجاً، وذلك حتي يتثني للكاتبة خلق علاقة بين الثقافة البصرية ممثلة في القصص الصحفية المصورة وبين الثقافة الشعبية البصرية ممثلة في توثيق الاحتفالات الدينية في مصر، وهو ما يحيلنا إلى مفهوم التصوير الوثائقي الاجتماعي ودوره في رصد وتوثيق وتوصيف الواقع والاحتفاظ به سواء على الصعيد الأرشيفي أو الصعيد الانثروبولجي لحياة المجتمعات.

أما المبحث الثالث فيهتم بدراسة التغطية الصحفية المصورة لمحاكمات نظامي مبارك ومرسي في الصحافة المصرية من خلال رصد وتحليل صور هذه المحاكات التاريخية سواء علي صعيد المضمون الشكلي أو التحليل الأعمق سميولوجيا وثقافياً وقد أولت الباحثة اهتماماً لتحليل هذه الصور الصحفية من حيث سيميائية الملابس ولغة الجسد والعلامات البصرية التشكيلية من حيث الديكورات والوضعيات وتحليل الرموز والعلامات للخروج بنتائج علمية حول دلالات هذه الصور التاريخية وما تحويه من معاني أسهمت في تشكيل و توجيه الراي العام في فترة زمنية معينة، وما ستقوم به هذه الصور من وظائف ارشيفية وتاريخية ووثائقية فيما بعد .

شاهندا عاطف مؤلفة الكتاب

وعلي الجانب الآخر وهو دراسة الجمهور المتلقي لهذه الصور يأتي الفصل الثاني ليقدم دراسة ميدانية علي الشباب حول استخدامات الشباب المصري لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في معالجة الصور علي مواقع التواصل الاجتماعي والاشباعات المتحققة منها دراسة ميدانية مقارنة بين تطبيقي This person is dosenot exist و Dream by Wombo ، تتناول هذه الدراسة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي تمثل ذروة التطور التكنولوجي التي لاقت رواجا في السنوات الأخيرة خاصة بين الشباب ،واتجاه مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لتطبيقات تعديل الصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي تمهيداً لتطبيق تقنيات الميتافيرس والحياة الافتراضية والتي تدعمها شركة Meta التي تملك اغلب اسهم شبكات التواصل الاجتماعي حول العالم.

وقد قدمت الكاتبة من خلال هذا الفصل تمهيداً معرفيا حول معالجة الصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي و ذلك من خلال استعراض تقنيات الذكاء الاصطناعي في تغير عمر الانسان في الصور عبر تقنية ال De-ageing ، وقدرات نظام للذكاء الاصطناعي التي قفزت إلي مستويات جديدة في توليد صور تماثل بالتفاصيل الواقعية فيها الصور الفوتوغرافية للوجوه، لكن لا وجود لهؤلاء الأشخاص ، حيث ظهر تطبيق this person doesnot exist وهو يتيح إمكانية انشاء صور لبشر ولكنهم ليسو حقيقين أو ليس لهم وجود بشري حقيقي ، وكذلك تعترضت الكاتبة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في إبداع لوحة فنية مرسومة من خلال تطبيقات معنية ، و تأثيرات ذلك علي معني الابداع البشري ، كما استطردت الكاتبة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال التصوير الصحفي .

ياتي هذا الكتاب ليضعنا أمام الصورة، الصورة بمعناها المجرد أحياناً و بمعناها المتشابك مع الثقافة والسياسة وعلم النفس وعلم الإنسان أحياناً أخرى في محاولة لتكوين وجهة نظر وتقديم تراكم معرفي وبحثي حول دراسات الصورة المعاصرة والحديثة، في محاولة لتأصيل و بلورة فهم وادراك وتفسير الصورة كوسيط اعلامي عبر أدوات التحليل السميولوجي و الدراسة الميدانية.

عن شهرزاد

المحرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *