أحدث الحكايا

3 مصريين بين الفائزين.. حكاية جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـثامنة عشرة

جائزة الشيخ زايد للكتاب تم تأسيسها تقديراً لمكانة الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ودوره الرائد في التوحيد والتنمية وبناء الدولة والإنسان. وهي جائزة علمية مستقلة، تُمنح كل سنة لصناع الثقافة، والمفكرين، والمبدعين، والناشرين، والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التنمية، والتأليف، والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية، وذلك وفق معاييرَ علمية وموضوعية. وقد تأسست هذه الجائزة التابعة لمركز أبوظبي للغة العربية بدعم ورعاية من “دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي”. وتبلغ القيمة الإجمالية لها 7 ملايين 750 ألف درهم إمارتي.

وقد أعلنت الجائزة عن أسماء الفائزين في دورتها الثامنة عشرة، وذلك بعد اجتماع مجلس أمناء الجائزة وبحث مسوغات الفوز لكل فائز، ومراحل وصول مؤلفه إلى المرحلة الأخيرة، بناء على معايير التقييم الموضوعية والدقيقة التي تتبعها الجائزة. وبين الفائزين بالجائزة هذا العام ثلاثة مصريين. والتفاصيل الكاملة في الحكاية التالية.

“الآداب” لـ ريم بسيوني

وفازت بجائزة فرع “الآداب” الكاتبة المصرية ريم بسيوني، عن روايتها “الحلواني.. ثلاثية الفاطميين” الصادرة عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع عام 2022. تتوج هذه الرواية مشروعاً مميزاً يستعرض التطور التاريخي والمجتمعي لمصر في العصر الوسيط، ويبرز طبيعة الشخصية المصرية في تلك الحقبة التاريخية الممتدة، في لغة تتسق مع طبيعتها وما فيها من أبعاد فكرية ومجتمعية، من خلال سردية روائية ترتكز على باقة تجمع الشعر والعمارة والأسطورة، وتنتصر للبعد الإنساني.

“تحقيق المخطوطات” لـ مصطفى سعيد

في حين فاز بجائزة فرع “تحقيق المخطوطات” الدكتور مصطفى سعيد من مصر عن دراسته بعنوان “سفينة المُلك ونفيسة الفُلك (شهاب الدين) الموشح وموسيقى المقام الناطقة بالعربية بين التنظير والمراس” الصادرة عن دار العين للنشر عام 2023؛ لما بذل المحقِّق من جهدٍ في خدمة النص من جهة ترتيبه، وتحقيقه، وتقريبِه للقارئ في دراسة قائمة على رؤية منهجيةٍ شاملة، وطريقة تحليلية متعمقة، متبوعة بجداول إحصائيَّة مبتكرة بالألحان والوصلات، تُظهر تمكناً في المادَّة العلمية، وقدرة على التحليل والفهم والنقد، جعلته أوَّل تحقيق متكامل بالمفهوم العلمي.

“النشر” لـ “بيت الحكمة”

وفازت مجموعة بيت الحكمة للصناعات الثقافية بجائزة فرع “النشر والتقنيات الثقافية”، لنجاحها في إنجاز جسر تبادلي بين الثقافتين الصينية والعربية؛ نشرت وترجمت من خلاله أكثر من 300 كتاب، وعدد هائل من الوثائق والصحف، وحققت وفرة استثنائية من قواعد البيانات اللغوية الصينية والعربية، وضعتها في خدمة الثقافة بين الجانبين، في إطار مشروع ثقافي متكامل يعمل في مصر، والإمارات، والمغرب، والصين، ويدير مشروعات متنوعة تهتم بوصل الشرق بالشرق الأقصى، وصناعة معرفة راسخة عن طريق النشر، والترجمة، والتعليم، والصناعات الثقافية والإبداعية؛ مع حرص على تنويع وسائل النشر واستخدام التقنيات الحديثة، واهتمام لافت بالأطفال واليافعين وما يناسبهم من قصص مصورة وكتب تنمية مهارات ووسائل تعليمية وروايات تربوية تحفيزية.

ومؤسس بيت الحكمة الدكتور أحمد السعيد خبير في الشأن الصيني، كاتب ومترجم، حاصل على جائزة الدولة الصينية للإسهام المميز في مجال الكتاب، وجائزة الصداقة الصينية من مقاطعة نينجشيا، وسفير القراءة بمشروع بكين الدولي للكتاب 2017. ودكتوراه في علم الأعراق البشرية “الإثنولوجيا” ودراسات ما بعد الدكتوراة في علم سياسات القوى الناعمة الدولية. له مؤلفات بالصينية والعربية منها “طريق الصين – سر المعجزة”، “بما لا يضر مصالح الشعب”، “منهج الحكمة في تعليم اللغة الصينية”، “ألف حكمة وحكمة صينية” “سنواتي في الصين”، “الصين في المخيلة العربية”. وشارك في ترجمة أكثر من ثلاثين عملا من الصينية للعربية لكبار أدباء وكتاب الصين. وكتب في المجالات السياسية والبحثية لأغلب الدوريات الكبرى العربية والصينية.

لقراءة مقالات د. أحمد السعيد على موقع شهرزاد

المؤلف الشاب لـ حسام الدين شاشية

وفاز الدكتور حسام الدين شاشية من تونس بجائزة فرع “المؤلف الشاب” عن مؤلفه “المشهد المُوريسكي: سرديّات الطّرد في الفكر الإسباني الحديث” الصادر عن مركز البحوث والتواصل المعرفي عام 2023. ويسلط العمل الضوء على طرد الموريسكيين الذين بقوا في إسبانيا، من خلال مادة تاريخية موثقة بالإسبانية حول الموضوع، لمعالجة الأبعاد السوسيولوجية – الثقافية وعلاقة الذاكرة بالهوية التاريخية، عبر جهد واضح في الاستقصاء، والتوثيق، والعرض التحليلي والنقدي، والمنهجي، جعل منه إضافة إلى الدراسات التاريخية البينية التي تدرس الحضارات وعلاقتها ببعضها بعضاً من منظور علمي.

“التنمية وبناء الدولة” لـ خليفة الرميثي

أما الفائز بجائزة فرع “التنمية وبناء الدولة”، فهو الدكتور خليفة الرميثي من دولة الإمارات العربية المتحدة، عن كتابه “الأسماء الجغرافية – ذاكرة أجيال” الصادر عن أوستن ماكولي بابليشرز في 2022؛ يتسم الكتاب بروح علمية ودقة لغوية، ووضوح أسلوب في دراسة الأسماء الجغرافية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالمنهجين التاريخي والجغرافي، مع ثراء واضح في البيانات والأرقام والخرائط والتتبع التاريخي، وحسن استخدام لها؛ ليغدو بذلك عملاً بالغ التميز والدقة ومرجعاً مهماً للباحثين.

“الترجمة لـ أحمد الصمعي

وفاز بجائزة فرع “الترجمة الدكتور أحمد الصمعي من تونس، عن عمله “العلم الجديد” لجيامباتيستا فيكو، ترجمه من الإيطالية إلى العربية، الصادر عن دار أدب للنشر والتوزيع في 2022. هذا الكتاب المترجم من الإيطالية يقدّم إضافة للمكتبة العربية، بما تميز به من دقة ومهنية عاليتين، واحترافية في نقل المصطلحات في بنيتها وصياغتها على نحو علمي يعبر عن السياق التي وردت فيه، وبما شكلته مقدمته من أهمية على صعيد الشكل والمحتوى، وما تضمنه من حواش كثيرة ساعدت في توضيح الأفكار الواردة في النص، والمعلومات التي احتواها.

 

“الثقافة العربية في اللغات الأخرى” لـ فرانك غريفيل

وفاز بجائزة فرع “الثقافة العربية في اللغات الأخرى” فرانك غريفيل عن كتابه “بناء الفلسفة ما بعد الكلاسيكية في الإسلام“، الصادر عن دار نشر جامعة أكسفورد باللغة الإنجليزية في عام 2021؛ لتسليطه الضوء على إسهامات الفلسفة الإسلامية الجوهرية، وتأثيرها في التطورات اللاحقة في علم الفقه والعلوم والآداب، والتطورات التي أدت إلى إعادة تشكيل الخطاب الفلسفي في الإسلام خلال القرن الثاني عشر، والكشف عمن تحدثوا بعمق عن الفلسفة في ذلك العصر، بما في ذلك عن الميتافيزيقا، والأخلاق، ونظرية المعرفة، والعلاقة المعقدة بين النقل والعقل، وإيضاح عدد كبير من الأفكار المبتكرة من أبرزها: الجمع بين الأفكار الفلسفية اليونانية والعربية والإسلامية، والمحاولات العلمية للتوفيق بين هذه التقاليد المتباينة، مثلما فعل الفارابي وابن سينا، مع استعراض وافٍ للشخصيات والتيارات التي أثرت في الفلسفة الإسلامية جعل الكتاب إسهاماً جيداً في فهم العصور ما بعد الكلاسيكية في الفلسفة الإسلامية.

مشاركات تاريخية

وسيتم الإعلان عن الفائز بلقب شخصية العام الثقافية خلال الأسابيع القادمة. الجدير بالذكر أن جائزة الشيخ زايد للكتاب، ستكرم الفائزين بدورتها الحالية خلال حفل تكريم بتنظيم من مركز أبو ظبي للغة العربية، بالتزامن مع فعاليات معرض أبوظبي الدولي الثالث والثلاثين للكتاب.

ويحظى الفائز بجائزة “شخصية العام الثقافية” على ميدالية ذهبية وشهادة تقدير، وجائزة مالية بقيمة مليون درهم، بينما تشمل جوائز الفائزين في الفروع الأخرى على ميدالية ذهبية وشهادة تقدير. وجوائز بقيمة 750.000 درهم.

وتعد المشاركات خلال هذه الدورة الأكبر في تاريخ الجائزة حيث بلغ عدد الترشيحات 4,240 ترشيحاً، بنمو بنسبة 35% عن عدد الترشيحات في النسخة السابقة العام الماضي و التي بلغت وقتها 3,151 ترشيحا، إضافة إلى الزيادة في عدد الدول المشاركة التي وصلت إلى 74 دولة من ضمنها 19 دولة عربية، و55 دولة أخرى.

تنافسية كبيرة

تقام الجائزة تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وترأس اجتماع مجلس الأمناء الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس الأمناء، وحضره الأعضاء الدكتور زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لرئيس الدولة، ومحمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وسعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، وعبد الله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، وعبد الرحمن النقبي مدير إدارة الجوائز الأدبية في مركز أبوظبي للغة العربية.

حوارات الثقافة للجميع» تجمع محمد المبارك وجايسون بلوم
محمد خليفة المبارك

وعن الجائزة هذا العام قال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: “شهدت الجائزة تنافسية كبيرة في مختلف فروعها، عبر عدد المشاركات وطبيعتها المتميزة مما يؤكد أهميتها والمكانة المرموقة التي تحظى بها في الأوساط الثقافية والعلمية العالمية، ودورها في تعزيز دور دولة الإمارات وتوجهاتها لإغناء الحركة الثقافية والمعرفية في العالم، بناء على مسؤوليتها الرائدة التي تبنتها عبر رؤيتها ونهجها الإنساني في تعزيز التواصل الثقافي والحضاري بين المجتمعات، وإبراز جوانب التراث والحضارة والثقافة الغنية للأمم والشعوب، وأهمية تبادلها بين الحضارات لإغنائها، وإحياء الموروث الثقافي والإنساني“.

د. علي بن تميم

ومن جانبه، قال الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب: “شكلت الجائزة التي تحمل قيمة كبيرة، ورمزية لاقترانها باسم بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، علامة ثقافية بارزة ومؤثرة في المشهد الثقافي العربي منذ انطلاقها، ومساهما فاعلا في تنشيط الحِراك الأدبي، والثقافي والشعري، وجهود الترجمة، الأمر الذي نتج عنه المزيد من الأعمال، والمشاريع النوعية، وخلق روح من التنافسية بين جموع الكتاب والأدباء من مختلف الجنسيات والثقافات. نبارك للفائزين تميزهم بفروع الجائزة لدورتها الحالية، حيث إن مؤلفاتهم كانت مصدر إلهام وانعكاس لجهد وثقافة عميقين في المجالات الأدبية المختلفة، تُرجمت من خلال إبداعهم الإنتاجي الذي نفخر به، وندعو جميع المبدعين في المشاركة بالدورة القادمة والمشاركة في إثراء المشهد الثقافي العام”.

عن زين العابدين خيري

كاتب صحفي وناقد فني وسيناريست، تخرج في كلية الإعلام عام 1995، صحفي في مؤسسة الأهرام منذ 1996. رأس تحرير جريدة القاهرة التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية (2022-2023)، ويشغل حاليا منصب رئيس تحرير منصة شهرزاد الإلكترونية، ونائب رئيس تحرير مجلة علاء الدين، والمشرف العام على تحرير مجلة البيت بمؤسسة الأهرام، وبجانب عمله الصحفي يعمل كسيناريست وناقد فني وكاتب لقصص الأطفال، وهو عضو مجلس إدارة جمعية نقاد السينما المصريين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *