اشترت ابنتي ملك منذ ثلاثة أعوام، وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، هذا الكتاب، وقرأته، ثم قالت لي: كتاب حلو! لكنه مكتوب لك أنت وماما أكثر مما هو لي أنا! اقرأوه لتعرفوا كيف تتعاملون معي!
اسم الكتاب (تساؤلات البنات) تأليف سيلفيا شنايدر، ترجمة رانية أمين، صدر عن دار إلياس العصرية للطباعة والنشر عام 2009. يتكون الكتاب من ثمانية فصول في 134 صفحة، تتناول الكثير مما يخص تساؤلات البنات في مرحلة المراهقة، بداية من البلوغ وعلاماته ومشاكله، والعلاقة بالأبوين، والتمرد، والصداقة، والحب، والأحلام، والدراسة، والغذاء الصحي إلخ. يتميز الكتاب بأنه في صيغة سؤال وجواب، يتكون كل فصل من قسمين؛ قسم تكون فيه الإجابات مختصرة، وقسم إجاباته مستفيضة، ربما هذا يراعي حال من يقرأون، إذ من الوارد أن الكثيرين لن يكونوا من محبي القراءة أصلًا.
تساؤلات أب!
أحيانًا أنسى ما قرأته وتعلمته وعشته مراهقًا وأبًا، وأترك حبي لملك وخوفي عليها يتصرفان بدون عقل أو تدبر، فيقوداني إلى طريق الغضب أو التصادم أو الإحباط.
نسيت أنني عندما كنت في سن ملك كنت أتسلل بدون صوت بعد أن ينام الجميع لأسهر أمام التليفزيون، فلماذا أغضب عندما تجلس هي محملقة في الموبايل؟ كنت حريصًا على التفوق الدراسي لكن حرصي على لعب كرة القدم، وقراءة الكتب التي خارج المقرر، كانا أكبر.
عندما اشتريت رواية “الطريق” لنجيب محفوظ، شطبت بالقلم الأزرق على جزء من لوحة الغلاف قبل أن أصل إلى البيت؛ الجزء الذي به رجل يُقبَل امراة عارية الكتفين!، فلماذا لا أتركها تشاهد وتقرأ إلكترونيًا ما تحب؟
جرّبت تدخين السجائر مع أصدقائي مرة أو مرتين وأنا في الإعدادي، فلماذا أوافق أم ملك عندما تنتقدها إذا وضعت ألوان الزينة على وجهها في البيت، حتى وإن كانت بشكل مبالغ فيه؟
كنت في المرحلة الثانوية أتوق لانتهاء الدراسة حتى أكسر العالم كتابة وغناءً وتمثيلًا، لأقول للدنيا أنني موهوب، والأهم أنني كبرت، فلماذا لا أتخلص من نظرتي إلى ملك؛ التي تدرس حاليًا في السنة الثالثة الثانوي، وكأنها لا تزال في السنة الثالثة ابتدائي؟
لا أريد أن أعترف أنها كبرت، وأنها لابد أن تكون مستقلة، وأن طبيعة العلاقة بيننا لابد أن تتغير، لابد أن أكف عن أن أكون كل شيء في حياتها، الذي يتخذ كل القرارات بالنيابة عنها، لأن هذه المرحلة انتهت بالفعل، المطلوب أن أكون حُضنًا مفتوحًا عندما تحتاجه هي، ومستشارًا عندما تعرض عليّ أمرًا، وأن أكون أمانها الدائم عندما تكون على خطأ أكثر حتى من حالها عندما تكون على صواب، ليس عليها أن تخجل أو تخشى مني عندما تفعل ما يمكن أن يضايقني، وليس علي أن أتصرف كأنها في الثامنة من عمرها… عليها أن تعيش مرحلتها بدون خوف، وعلي أنا التقبل والتفهم والتغير؛ ألست الكبير الخبير؟
مسارات الحب
يتخذ الحب مسارات خاطئة أحيانًا، ويتخذ الغضب هذه المسارات دائمًا، فمن عليه أن يغير تلك المسارات في العلاقة بيني وبين ملك؟ معظم الجهد علي أنا القيام به، يكون حبي لها رشيدًا، وخوفي عليها ذكيًا لا يتحول إلى غضب، وستقوم هي بما تستطيعه تلقائيًا بناءً على ما أفعله أنا. فلا يحق لي الاستفادة من دور الأب بإلقاء تعليمات، ونفخ أوداج، وصوت عالٍ، وأظن بعد ذلك أنني قمت بما عليّ، وأنها لا تفهم، وصغيرة لا تحسن التفكير ولا التصرف، وبلا خبرة؛ هي حقًا بلا خبرة، فلماذا لا أتركها تكتسبها، وأكون معها صديقًا وحاميًا وهي تفعل ذلك؟
إذا جاء العبد إلى ربه يمشي أتاه الله هرولة، فلماذا نريد أن نكون أربابًا لأبنائنا على أن يفعلوا هم ما يتوجب علينا فعله، أي يكونوا صبورين، واعين، متفهمين، متعاونين، داعمين؟
تقول الكاتبة: “كل إنسان يمر بهذه المرحلة من النمو؛ ولذلك تشعرين بالوحدة أو بالحزن أو بالتخبط الآن؛ لذا يجب أن تتذكري هذه الحقيقة. حتى جدودك ووالداك وإخوتك الأكبر سنًا ومدرسوك مروا بهذه المرحلة من قبل. ولهذا يمكنك أن تتوقعي منهم التفاهم لما تمرين به. وإذا كانوا قد نسوا هذه الفترة من حياتهم، يمكنك سؤالهم عنها وعن مشاعرهم خلالها، لكن على الرغم من كل الأشياء الجديدة التي تمر بها الفتيات في مرحلة المراهقة، فإنها تعد مرحلة صعبة”.
إذا كان هذا الكتاب قد أفادني بشيء، فهو أن ابنتي كبرت، وأنها هي من طلبت مني قراءته لأفهمها أكثر، هي التي بادرت بذلك، وهو ما لم أنسه لها أبدًا. وأنني تذكرت أن ما يفزعني أمرًا عاديًا، مررت به، وتمر به ابنتي، ويمر به البشر دائمًا، ليس جديدًا ولا غريبًا ولا مفزعًا، لكنني فقط أنسى.
مقال أكثر من رائع
فأنا أعاني من نفس المفاجأة
ربنا يحفظك المبدعة سماح فراج
مقال هام وصريح أ.منير فكلنا مررنا بهذه التجربة نحن نضع نفس القيود التي وضعها آباؤنا وأمهاتنا مع فارق الأجيال والصحيح أن نكون أصدقاء لهم وأن نجعلهم يستمتعون بسنهم ونحن نحيطهم بالنصيحة والخبرة.
ربنا يحميهم ويحقق لهم أحلامهم.🌷🌷🌷🌷🌷
عندك حق أستاذة فاطمة
لكننا فقط ننسى، مقال رائع وكتابة جميلة أستاذ منير.
خلينا فاكرين
مقال أكثر من رائع
ألف شكر
مقال رائع ، الحقيقة ،حينما نكبر ننسى ما عشناه من تجارب ووو ولكن مهما كبروا الاولاد يبقوا صغارا في نظرنا
صدقت يا دكتورة
مقال رائع
ألف شكر
مقال رائع ينقلنا بسلاسة بين ما يمليه علينا العقل والعادات والتقاليد ومابين العاطفة والمنطق في التفكير والمؤيد بجملة لقد كنت مثلها و أنا في نفس السن
شكرا أستاذة مروة
أحببت هذا العرض للكتاب النابع من تجربة حقيقية ومساءلة للذات الأبوية، وهي الأصعب بالتأكيد، عندما يواجه الأباء أنفسهم في رحلة للتعرف على ذواتهم من جديد حالما يمر الأبناء بمرحلة المراهقة .. هذه لحظة فارقة ومهمة ، لمعرفة هل استفدنا من الثقافة والمعرفة ؟ هل نحمل الوعي الكافي والصبر لاحتضان نزق الابناء وتمردهم كما نتخايل ؟ بينما هم يعبرون رحلة طبيعية سبق ان مررنا بها ! وهنا اود أن اطرح سؤالا: لماذا في عالمنا العربي لانجد مثل هذه المؤلفات ؟ شكرا استاذ منير مقال صادق جميل !
ألف شكر أستاة رازان
أحسنت وأنا اعانى من نفس المشكلة ولكن المقال رائع جدا بالتوفيق بإذن الله يا صديقى
تسلم يا مبدع
مقال مفيد للوالدين وبناتهم، أعجبني كثيرًا
دام العطاء وحسن الاختيار
شكرا أستاذة نبيلة
مقال جميل جدا استاذنا الكبير
متعك الله بالصحة والعافية
شكرا جزيلا يا دكتورة
جميل أن يلتفت الأب بقلبه قبل عينه ويراعى فلذة أكباده حق الرعاية ويظللهم بحمايته بعد الله سبحانه وتعالى.. جميله هى علاقة الود بين الأب وبنته التى يتوجها العطف والحنان ولا يجب أن نتخلى عن القرارات الصارمة التي يجب أن تكون فى محلها.. تحياتي لحضرتك وللعزيزة ملك
شكرا جزيلا أستاذة أميرة
مقال رائع واستعراض بديع لمشكلة يقع فيها كثير من الآباء والأمهات
الحرص الشديد والخوف عليهم قد يعرضنا لنفورهم وابتعادهم عنا ..
عندما كانت ابنتي ترفض القراءة وهي صغيرة، حاولت أكثر من مرة أن أحببها فيها؛ لكني فشلت، واحترمت رغباتها، ولكني حاولت أن أحببها فيها بطرق أخرى، الآن وبعد أن أصبحت شابة تعشق القراءة ولكن في مجالات مختلفة عن التي أحبها.
يحب أن نحاول ألا ننسى ليس فقط ما مررنا به في مثل أعمارهم، ولكن أن نراعي أيضا الإختلاف والتطور الكبير في عديد من الأشياء..
شكرا جزيلا لك صديقي المنير دائما على هذا الموضوع الشيق والطرح المفيد
شكرا جزيلا أستاذو فاطمة
مقال جميل للأديب الرائع أستاذ منير عتيبة
شكرا جزيلا المبدعة سارة سبف
المقال مجموعة من مصارحات الوعي والتفاهم الراقي للعلاقة بين البنات والأباء التي ينبغي ألا تترك منطقة الدفء
كل التوفيق للكتابة والممارسة
شكرا جزيلا المبدعة غادة سيد
مقال مهم لكل أبوين لا يريدان التصادم مع الأبناء وخاصة البنات في سن حرجة كالمراهقة
ألف شكر
مجموعة من المصارحات والتفاهمات للعلاقة الصحية بين البنات والآباء التي ينبغي أن تظل في منطقة الدفء
موفق أستاذ منير دائما في الكتابة والممارسة الفعلية لكل ما جاء بهذا المقال الرائع
ألف شكر
مقال رشيق اللغة..تخطر كلماته خطر الغزال…نفسي واجتماعي..في
منطقة منهي عنها وشائكة..وهي عالم الحرية الذاتية الممنوعة لسبب
أو لآخر..بضغط الفضيلة والأدب والدين احيانا ..
جراءة في التناول..وفتح باب المسكوت عنه..والان الأبناء صاروا
ابناء المجتمع..ليس للاباء ولا الأمهات دور كبير ولا صغير
في التوجيه..تحياتي لقلمك الرشيق استاذ منير عتيبة..
ألف شكر الصديق المبدع محمد رجب عباس
كلام منطقي جدا… يعني تغيير المفاهيم، من اجل جيل أفضل
ألف شكر المبدع إبراهيم فرحات
كل ما جاء بالمقال صادق ويلامس الأرواح الرقيقة دمت مبدعا
مقال رائع و معبر
ألف شكر المبدعة لينده كامل
ألف شكر المبدعة غالية الزامل
وكأنك تصف ما أشعر به ويحدث بيني وبين بنتيَّ أستاذ منير
مقال قبل أن يكون رائعًا فهو شديد الأهمية.. شكرًا من القلب وأعانك الله وأعاننا على أن نقدم لهذا الوطن جيلا قادرًا على العطاء والحفاظ عليه
الله يقويك يا صديقي
هم بيربونا حرفيا هههههههههههه
سرد رائع يشمل الكل في واحد.. من حيث المحتوى. وسلاسة السرد وتناسبه مع السن التي يهدف اليها..دمت مبدعا
تسلم المبدع شرقاوي حافظ
مقال مهم وكتاب مهم
والتربية عملية صعبة وقراراتها اكثر صعوبة وخاصة للبنات في ضوء تقاليد المجتمع
عندك حق أستاذ مصطفى
دايما مهتم بينا ومحاوطنا بحبك وحنيتك واهتمامك ربنا يخليك لينا يا احن أب فالدنيا كلها
جوجو حبيبتي وأمي الصغيرة
أحسنت أستاذ منير لقد فصلت المقال تفصيلا جميلا أصيلا
ألف شكر لحضرتك
مقال مهم جدا وملك ذكية جدا ما شاء الله.. فعلا احنا لازم نفتكر أيام ما كنا في عمرها كنا عايزين إيه.. سلمتم جميعًا أستاذي..
سلمك الله المبدعة نهى عاصم
أستاذ منير لخص محتوي الكتاب دون أن يدري وقدمه للقراء.. مقال في ننتهي الأهمية لكل أب وأم وأهم ما فيه أنه ينادي.. رفقا بالبنات.. دام عطاؤك أستاذنا منير عتيبه
ألف شكر لحضرتك
يبدو أننا نربي أنفسنا أيضا أثناء تربيتنا لأبنائنا.. ويبدو أننا نحتاج لعمل تحديث لمعارفنا كي نواكب معارفهم. شكرا جزيلا على هذا المقال القريب من القلب والعقل.
مقال يحترم استاذنا لصدقه وواقعيته، ومرونة اكتسبتها من واقع تجربة حقيقية ومساءلة للذات الأبوية، وهي ليست بالأمر السهل تقبله، فعندما نواجه أنفسنا تنازعنا تربيتنا ومعتقداتنا ومبادئنا والأكبر المجتمع لننسي أن دورنا الإحتواء والدعم والأمان لأبنائنا، الواعي من عرف دوره وما له وما عليه، وحفظ حدوده، مع أبناءه وعلم أنهم ضيوفه، وأنه لا يملكهم، والفارق كبير.
النجاة مرهونة بالفكر والوعي، والصداقة والمحبة
خاب وخسر من ضيع امانهم، وصك أذنيه عن سماعهم أو احتضانهم.
دمت بفكر راقي.
ربنا يحفظك المبدعة داليا بدوي