السينما المصرية خارج الحدود (٤) (1930 – 1970)

في النصف الأول من القرن العشرين، بدا نجوم السينما المصرية أشبه بآلهة صغيرة أثيرة لدى سكان المدن العربية وأصبحت السينما المصرية وشكل نجومها، وأفلامها الغنائية، وموسيقاها، ورقصاتها رابطا أساسيا بين جماهير تعيش في دول مختلفة لا تشترك بالضرورة في نفس اللغة.

 

 

بوستر فيلم وداد

 

 

فيلم “وداد” (1936) إخراج فريز كرامب -وهو أول ظهور لأم كلثوم على الشاشة- هو أيضًا أول فيلم مصري يشارك في مهرجان دولي، مهرجان البندقية، ممثلا لمصر. ومع ذلك، فإن التأثير الأعظم لهذه السينما لم يتحقق من خلال المهرجانات الدولية بقدر ما تحقق مع جماهير السينما المصرية في المدن العربية والأفريقية.

 

 

 

كانت السينما هي أيضًا الوسيلة الأساسية التي مكنت نجمات الرقص الشرقي من الوصول إلى الجمهور العالمي. فجابت عروض الرقصات الآسرة لتحية كاريوكا ونعيمة عاكف وسامية جمال شاشات العالم. وتمكنت سامية جمال -أول من رقص على خشبة المسرح مرتدية حذاء بكعب عالٍ- من تحديث الرقص الشرقي وإعطائه مكانة عالمية، وشكلت مع فريد الأطرش ثنائيا شهيرا لعب أدوار البطولة في الكثير من الأفلام في الأربعينيات، بما في ذلك “عفريتة هانم” للمخرج هنري بركات (1949) ، الذي لف العالم وحقق نجاحات باهرة.

 

 

بوستر فيلم عفريتة هانم

 

 

 

نموذج آخر قدمه صوت عبد الحليم حافظ في الأفلام الغنائية للشباب العربي المتلهف إلى الحداثة، إذ كان عبد الحليم حافظ يتميز بارتدائه للسترات الخفيفة ذات الرقبة العالية، مما أعطاه مظهرا عصريا ومختلفا عن معاصريه من المطربين، وذلك منذ منتصف القرن العشرين. وامتدت معه موجة الميلودراما والكوميديا الموسيقية التي استمرت في الهيمنة على المشهد السينمائي حتى الستينيات، حين قدم فيلمه الشهير “أبى فوق الشجرة” (1969)، للمخرج حسين كمال، المعروف بأنه أحد أعظم نجاحات شباك التذاكر العربي.

 

 

 


مشهد من فيلم أبي فوق الشجرة

 

 

 

الميلودراما هي النوع الآخر الذي سطع فيه نجوم السينما المصرية، بدءاً من : عزيزة أمير، وبهيجة حافظ، مروراً بأيقونات العصر الذهبي: مديحة يسري، ومريم فخر الدين، وماجدة، وصولا إلى فاتن حمامة، التي شهدت رحلتها الطويلة، من الأربعينيات إلى التسعينيات، على تطور هذا النوع من الأفلام.

ففي دراسة عن الأفلام المصرية والعاملين الجزائريين بفرنسا، أوضح المؤلف أن الانفعال الذي يشعر به هؤلاء العمال أثناء مشاهدة الميلودراما المصرية هو نتاج حالة من الشعور بالغربة التي يلعب فيها الفيلم المصري دور المكان الحميم الذي يعيد هؤلاء المهاجرين إلى ديارهم على حصان الخيال، لكي يلتقوا بأهلهم ولو لسويعات على الشاشة.

 

ويمكنكم قراءة الأجزاء السابقة من المقال عبر الروابط التالية 👇🏻

 

حكاية السينما المصرية خارج الحدود

السينما المصرية خارج الحدود (1930 – 1970)

السينما المصرية خارج الحدود (٣) (1930 – 1970)

 

 

عن د. سلمى مبارك

أستاذ الأدب والفنون والأدب المقارن بجامعة القاهرة. مؤسسة ومديرة شبكة آمون للباحثين في الأدب والسينما. صدر لها دراسات عدة في مجالات الأدب المقارن والنقد الأدبي والسينمائي. من الكتب المؤلفة: "النص والصورة" 2016، و"أمينة رشيد أو العبور إلى الآخر" 2022. ومن الكتب المحررة بالمشاركة مع وليد الخشاب "الاقتباس من الأدب إلى السينما" 2021، ومن ترجماتها: "علم اجتماع السنيما وجماهيرها" 2021 لإيمانيول إتيس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *