زوزو ألمظيّة.. أشهر نساء السينما المصرية (٤)

زوزو لا تحب جذورها وعالم أمها، لكنها تملك من الوعي ما يكفيها للتعايش مع الوضع الراهن كمرحلة ستنتهي بعد تخرجها وحصولها على وظيفة، فلا هي منقطعة الصلة بماضيها تخجل منه ولا هي منفتحة عليه كليًا، تحافظ على علاقة بالغة الكياسة مع تراثها كانت لأن تنهي المرحلة وتبدأ ما يليها بسلاسة لولا وقوعها في الحب. وفي المقابل تحب سعيد (حسين فهمي) وتعجب بثقته في نفسه ووسامته، لكنها تبدأ علاقتها به بمشاجرة،وتواصل على علاقة الندية والشد والجذب معه، مطالبة إياه دائمًا أن يضعها على قدم المساواة، أنيسمع بحماس ما تقوله بحماس، بل أن صدمتها وهروبها في الفصل الأخير من الفيلم بعد انكشاف حقيقتها أمام عائلة سعيد لا ترجع بالأساس لخجلها من أصلها، وإنما لأن كشف المستور أجبرها تلقائيًا على أخذ خطوة لأسفل والتعامل معه من موضع ضعف لم تعتده.

 

 

صحيح أن الحل يأتي من فعل ذكوري هو قيام سعيد بصفعها لمنعها من العمل كراقصة في شارع الهرم (رفعت إحدى الحاضرات صوتها خلال العرض بتعليق يسخر من الفعل)، لكن لو حللنا ما فعلته الصفعةالتي أشبعت رغبات أمها ومعها جمهور مطلع السبعينياتفسنجد أنها لم تؤد أبدًا لانكسار زوزو أمام العالم، بل على العكس كانت أشبه بصفع من يعاني من بدايات صدمة عصبية لحمايته منها، والدليل أن زوزو خرجت من الموقف أقوى وأكثر ثقة  و تصالحًا مع ماضيها وحاضرها ومستقبلها، عادت لمسارها الذي تتعلم فيه وتغني وترقص، وتحب فتُقبّل حبيبها بحرية بينما لا يملك العالم إلا أن يوصيه بأنيخلي باله منها”. وهو انتصار كامل حققته الفتاة على العوالم والأثرياء والمتزمتين والأحكام المجتمعية، جمعاء.

 

so3ad.jpg

 


الكثير
يُمكن أن يقال عن هذا الفيلم الفريد، ذي القيمة الفنية والثقافية والتاريخية، لكن المهم هنا هو تلك اللحظة التي ربما لم تكن لتتم لولا أن قررت مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي أن تموّل عملية ترميم الفيلم، ولولا النجاحات الحديثة لفكرة إعادة عرض أفلام جماهيرية مصرية في سينما زاوية .

 

كنا سنستمتع أيضًا بالتأكيد، لكن العرض لم يكن ليأتي مُشبّعًا بالمفارقة التي يحملها عرضخللي بالك من زوزو، أسطورة السينما التجارية المصرية، في احتفالية مركز السينما المعاصرة في القاهرة. وكأن القدر قد رتب الأحداث لتقودنا إلى قضاء ليلة تمتزج فيها المتعة بإعادة النظر إلى تاريخنا السينمائي المتشابك. ليلة في رحاب زوزو ألمظية ، أشهر نساء السينما المصرية.

 

464586-زوزو-في-حجرتها-ضمن-مشاهد-الفيلم-738x1024.jpeg

 

يمكنكم متابعة الأجزاء السابقة من المقال عبر الروابط التالية 👇🏻

زوزو ألمظيّة.. أشهر نساء السينما المصرية (٣)

زوزو ألمظيّة.. أشهر نساء السينما المصرية (٢)

زوزو ألمظيّة.. أشهر نساء السينما المصرية

 

عن أحمد شوقي

ناقد سينمائي مصري ومبرمج ومشرف سيناريو. حاليًا هو رئيس الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسى)، ورئيس جمعية نقاد السينما المصريين. ينشر مقالات أسبوعية عن السينما وصناعة الترفيه. كما أصدر ثمانية كتب متخصصة حول السينما المصرية. شوقي يشغل منصب مدير منطلق الجونة، برنامج تطوير المشروعات والإنتاج المشترك الخاص بمهرجان الجونة السينمائي. كما إنه مدير التطوير لمنطقة الشرق الأوسط بمنصة "فيو" الإلكترونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *