يبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي أخذت حيزا كبيرا من تفكير صناع الدراما المصرية في هذا الموسم الرمضاني، ما جعل العديد من الأعمال الفنية تتخذ منها إما موضوعا رئيسيا لها أو خطًا دراميًا مؤثرا في الأحداث، لكن هل يبالغون في الاهتمام بها؟ حسنًا الأرقام لا تقول ذلك وبخاصة في شهر رمضان كما سنعرف تاليًا.
خلال شهر رمضان المبارك تتفاقم العادات الاستهلاكية بشكل كبير ولافت، بحسب العديد من الإحصائيات، وفي السنوات الأخيرة ظهرت أسواق موسمية خصيصًا لشهر رمضان مثل “الكافتان” أو الملابس الرمضانية، وأشكال الزينة المتنوعة، وغيرها من المنتجات المتوقع زيادة استهلاكها، ولكن لم تكن السلع فقط التي لوحظ زيادة استهلاكها خلال شهر رمضان، بل تضاعف كذلك استهلاك الإنترنت ومعدل الدخول على المواقع والتطبيقات المختلفة بشكل عام، والسوشيال ميديا بشكل خاص.
اختلاف معدلات استخدام الهاتف في شهر رمضان
فكما يغير شهر رمضان النظام اليومي الطبيعي تبعا لمواعيد الفطور والسحور، فإن ذلك ينعكس على السلوك الاستهلاكي للهاتف، وخلصت دراسة جديدة نشرتها مؤخرا مجلة “أكسفورد”، إلى أن شهر رمضان غالبا ما يكون مصحوبا بانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي للدول الإسلامية. وقالوا إن هذا يرجع بشكل رئيسي إلى حقيقة أن الموظفين في الدول الإسلامية غالباً ما يعملون لعدد أقل من الساعات خلال شهر رمضان. ومع ذلك، فإن هذا الاتجاه يرافقه أيضًا زيادة في الاستهلاك، مما يوفر فرصة للشركات الناشئة ورجال الأعمال الذين يتطلعون إلى كسب المزيد من المستخدمين والعملاء.
برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة بشكل واضح، مع زيادة بنسبة 16% في عمليات تثبيت التطبيقات خلال شهر رمضان، متجاوزة متوسط عام 2023. وجاءت إندونيسيا في المركز الثاني بنمو بلغ 14%، تليها باكستان بنمو ملحوظ قدره 13%، ومصر بزيادة 10%.
ووفقًا لاستطلاع TGM الرمضاني العالمي 2023، يلعب الجانب المجتمعي لشهر رمضان دورًا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتواصل 87% من المستخدمين مع الأصدقاء والعائلة لإرسال التهاني ومشاركة تجارب رمضان (70%) والانضمام إلى المجتمعات عبر الإنترنت (68%).
بالإضافة إلى ذلك، يبحث العديد من الأفراد عن مصادر للمحتوى الترفيهي والمفيد، بما في ذلك نصائح الطبخ، أو أفكار الهدايا، أو الحرف الرمضانية، أو حتى الإلهام الروحي. ويتفق 70% من المسلمين على أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي قد وفر لهم أيضًا وسيلة مريحة للتسوق للحصول على صفقات وعروض ترويجية جذابة خلال شهر رمضان. وتعكس هذه الاتجاهات الأهمية المتزايدة للأجهزة المحمولة والاتصالات الرقمية في تسهيل ممارسة الممارسات الدينية والأنشطة اليومية. وهو ما يتضح في إحصائيات (Ipsos) لطبيعة التطبيقات والاهتمامات التي تستحوذ على الاهتمام في رمضان في مصر عام 2021 كما هو موضح تاليًا.
فيتضح هنا كيف يؤثر شهر رمضان في تزايد الاهتمام بأنواع معينة من المحتوى بنسب كبيرة، فالمحتوى الديني يزيد الإقبال عليه في مصر ويهتم حوالي 81% من المستخدمين بهذا المحتوى، بينما تستحوذ الاحتفالات الرمضانية (تجمعات الفطور والسحور) على اهتمام 75%، و68% للديكور الرمضاني، و67% العروض، و65% للوصفات الرمضانية، بل ويستحوذ الموسم الرمضاني التلفزيوني على اهتمام 65%، ونسبة مثيلة للمراجعات على المنتجات المختلفة، ونسبة قريبة بـ 62% للأزياء والملابس، وهي تختلف بنسب بسيطة تبعًا لاختلاف الجيل والنوع والطبقة الاجتماعية، فمثلا تستوذ الوصفات الرمضانية والأزياء والديكورات على اهتمام النساء أكثر من الرجال ويزيد رواجها في الطبقات ذات الدخل المادي الأعلى، وهذه الطبقة أيضًا تظهر لديهم اهتمامات أكبر بالفيديوهات الترفيهية والمراجعات للمنتجات والمحتوى الرمضاني بالتلفزيون إذ ظهرت بمعدلات أعلى من المتوسط كما نلحظ تاليًا.
اقرأ أيضا:
الحرب ليست على الأرض فقط.. هكذا تدار المعارك الإلكترونية
كيف ينعكس ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي؟
كل هذه الاهتمامات تنعكس بالضرورة على التواجد على منصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت واقعًا لا يمكن إغفاله في الحياة اليومية، وهو ما يترك أثره بالتبعية على استخدامها خلال شهر رمضان، فأصبحت العديد من العلامات التجارية خاصة الناشئة تعتمد عليه في التسويق كوسيط رئيس بينها وبين عملائها وموسم ذهبي للاستواذ على اهتمام العملاء.
وهو ما انعكس أيضًا على سوق تطبيقات الأجهزة المحمولة العالمي الذي شهد نمط نمو طفيف ولكن ملحوظ خلال شهر رمضان 2023.
وتظهر الدراسات الحديثة أن المستهلكين يبحثون عن محتوى ملهم وغني بالمعلومات يبدو أصليا على تيك توك، فـ 3 من كل 5 يجدون تيك توك أكثر تسلية خلال شهر رمضان، فيما 86% من مستخدمي تيك توك يستمتعون بالإعلانات التلفزيونية التي تبث حديثا في رمضان والتي يتم تعديلها لتناسب تيك توك.
ففي جميع القطاعات، كان هناك ارتفاع متواضع بنسبة 1% في عمليات تثبيت التطبيقات مقارنة بالمتوسط السنوي، لكن النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا جاء أعلى بنسبة 5٪.
وبالنظر إلى البلدان المختلفة، نجد بعض التطورات المثيرة للاهتمام، فبرزت دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة بشكل واضح، مع زيادة بنسبة 16% في عمليات تثبيت التطبيقات خلال شهر رمضان، متجاوزة متوسط عام 2023. وجاءت إندونيسيا في المركز الثاني بنمو بلغ 14%، تليها باكستان بنمو ملحوظ قدره 13%، ومصر بزيادة 10%.
وبنظرة للإحصائيات وبحسب (data.ai) نجد أن أعلى التطبيقات التي تم تنزيلها على مستوى العالم خلال شهر رمضان تهيمن عليها التطبيقات الترفيهية ووسائل التواصل الاجتماعي، وكل التطبيقات حتى وإن لم تكن تطبيقات سوشيال ميديا أو تواصل اجتماعي فهي تطبيقات تستخدم في إطارها مثل تطبيق CapCut الذي يعد الأشهر بين تطبيقات المونتاج السهلة لصناع المحتوى عبر السوشيال ميديا. أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نجد المثل تقريبًا ولكن مع وصول المحفظة الرقمية وتطبيق الدفع Easypaisa في المراكز العشرة الأولى.
تيك توك
وبالنظر إلى الاستبيان السابق نجد أنه سواء عالميًا أو في الشرق الأوسط فإن منصة تيك توك نجحت في أن تكون المنصة الأولى التي تشهد إقبالا خلال شهر رمضان. وهو ما أكدته المنصة نفسها في إحصائياتها، إذ أكدت أن معدل المترددين على التطبيق يزيد في كل الأوقات تقريبا خلال شهر رمضان سواء من صناع المحتوى أو من المشاهدين.
ففي عام 2023، زادت نسبة الإقبال في فترة السحور والنوم إلى 1.35 ضعف إنشاء المحتوى، أما فيما يخص الأنشطة النهارية في غياب الفطار وقهوة الصباح فيزيد فيها نسبة مشاهدة الفيديوهات بمقدار 1.1 ضعف المعتاد، أما للتسلية خلال أوقات العمل بزيادة 1.2 ضعف عدد مشاهدة الفيديوهات، والفترة قبيل الإفطار في النهار عندما تبدأ مستويات الطاقة في الانخفاض تزيد نسبة إنشاء المحتوى أو نشره بمعدل 1.18 ضعف المعتاد، ثم في الساعات الأخيرة خلال فترة الصيام تزيد 1.14 ضعف مشاهدة الفيديوهات.
وبشكل عام فإن نسبة مشاهدة الفيديوهات تزيد في شهر رمضان 1.9 أضعاف الشهور العادية. فيما زاد متوسط الإنفاق من خلال المحتوى والإعلانات على منصة تيك توك 3.1 الضعف خلال عامي 2021، و2023.
وتظهر الدراسات الحديثة أن المستهلكين يبحثون عن محتوى ملهم وغني بالمعلومات يبدو أصليا على تيك توك، فـ 3 من كل 5 يجدون تيك توك أكثر تسلية خلال شهر رمضان، فيما 86 % من مستخدمي تيك توك يستمتعون بالإعلانات التلفزيونية التي تبث حديثا في رمضان والتي يتم تعديلها لتناسب تيك توك.
وفقًا لأحدث دراسة أجرتها YouGov لعام 2023 بتكليف من شركة ميتا لدراسة سلوكيات المسلمين أو مرتقبي رمضان عبر الإنترنت، فإن أكثر من ثلاثة أرباعهم على مستوى العالم يغيرون عاداتهم خلال شهر رمضان، بينما يميل 72% إلى البحث عن مصادر جديدة للمعلومات.
وبالطبع هذا يجعل المنصة فرصة ذهبية للإعلانات فـ 55% من مستخدمي تيك توك قاموا بتجربة منتجات جديدة خلال شهر رمضان بسبب الفيديوهات، و72 % يقولون إن العلامة التجارية تكون أقرب إليهم على المستوى الشخصي عندما يعاد توظيفها ابداعيا.
ميتا
الأمر نفسه تؤكده منصات شركة ميتا وأبرزهم (فيسبوك وإنستجرام)، فيما يتعلق بزيادة التفاعل والحضور واستخدام المنصات خلال شهر رمضان، بل ورواج عمليات البيع والشراء بنسب كبيرة تجعله من أهم المواسم الشرائية. فتوضح شركة ميتا أن 13.4 مليون من التفاعلات تكون للتواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والأخرين في حين أن 91% من مستخدمين منصات ميتا يرغبون في في رؤية المحتوى الذي يعزز المجتمع والعمل الجماعي على فيسبوك و انستجرام.
ووفقًا لأحدث دراسة أجرتها YouGov لعام 2023 بتكليف من شركة ميتا لدراسة سلوكيات المسلمين أو مرتقبي رمضان عبر الإنترنت، فإن أكثر من ثلاثة أرباعهم على مستوى العالم يغيرون عاداتهم خلال شهر رمضان، بينما يميل 72% إلى البحث عن مصادر جديدة للمعلومات. وترتفع هذه النسبة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إذ تصل إلى ما يقرب من 80% في كلا السوقين بحسب الإحصائية. ويؤثر هذا الانفتاح أيضًا على ما يسمى بـ “عقلية الاستكشاف”، حيث يتصفح 72% من المستهلكين في الإمارات العربية المتحدة فيسبوك وإنستجرام بحثًا عن أفكار للتسوق خلال شهر رمضان.
أما فيما يتعلق بالإحصائيات الشرائية فإن 64% من المتسوقين أو المراقبين قاموا بالشراء من الإعلانات عبر ميتا، وقال 58% من المتسوقين أو المستخدمين إنهم شعروا بارتباط أكبر بالعلامة التجارية بعد مشاهدة محتوى رمضان أو العيد على فيسبوك أو إنستجرام، بالتالي فإن مجرد الحضور في شهر رمضان يؤثر في العلامات التجارية، ولهذا فإن جميع الصفحات في رمضان تنشئ تصميمات خصيصًا في هذا الشهر، وقد وافق 71% على أنه من الأسهل إكمال تسوقهم الرمضاني من خلال اقتراحات المنتجات والهدايا المخصصة عبر منصات ميتا. وهذه الأعداد في تزايد فتبعا للرسم التالي سنجد أن معدل الشراء من خلال منصات ميتا يزيد بشكل كبير وملحوظ سنويًا والتي وصلت إلى 62 % في عام 2022 بالمقارنة بـ 48% في عام 2021، و35% في عام 2020 التي تزامن مع جائحة كورونا. وبحسب الإحصائيات فإن 4 من 5 أشخاص يؤكدون أنهم يخططون ماليًا للإنفاق في موسم شهر رمضان والعيد.