أحدث الحكايا
«الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي

أميرة دكروري تحكي: “الأبد هو الآن”.. الحاضر والحضارة في حضن الأهرامات

بمجرد وصولك منطقة أهرامات الجيزة، فقد دخلت بالفعل في قلب التاريخ، ليس أي تاريخ، لكن تاريخ وحضارة عظيمة عمرها آلاف السنين.. الكثير من الأفكار والانبهار ينتابك وقتها، هذه الأفكار بالتأكيد راودت كذلك كل الفنانين المشاركين في النسخة الثالثة من معرض «الأبد هو الآن» الذي يمثل وجوده هذا العام تتويجًا لنجاح دورات سابقة استطاع خلالها استقطاب ما يزيد عن “مليون” زائر في العام الماضي، وهو رقم ضخم جدًا بالنسبة للمعارض الفنية. فما هي حكاية معرض هذا العام؟ 

اعتبر أرسطو أن الفن في جوهره وأصله هو محاكاة للطبيعة من طرف الإنسان، ولا شيء يدعم هذه الفكرة أو جوهر الفن في نظر أرسطو بقدر معرض «الأبد هو الآن»، الذي تنظمه  “آرت دي إيجيبت”، ويستمر حتى 18 نوفمبر الحالي؛ فالتنوع في المعروضات الفنية في نسخة هذا العام من المعرض ليس فقط في الخامات والأساليب الفنية المختلفة لـ 14 فنانًا من بلدان متنوعة، وإنما في الأفكار وتفاعلها ليس مع البيئة المحيطة والأهرامات فحسب، ولكن مع الزائرين أيضًا. فالعديد من الأعمال الفنية هي معروضات تفاعلية يستطيع أن يدخلها الزائر مثلا أو يتجول خلالها وأن يجري حوارًا معها ليتشاركا الأفكار.

العمل الفني “من الداخل إلى الخارج” للفنان الفرنسي «جي آر» في معرض “الأبد هو الآن”

الأهرامات.. حوار متصل

وبما أن المعرض يكتسب جزءا كبيرًا من خصوصيته من مكان إقامته أمام الأهرامات، فهذا يتيح للأفكار المتعلقة بالماضي والجذور والحضارة الظهور، كما يطرح أيضًا أفكارًا تتعلق بالاتصال بين الماضي والحاضر ونجد ذلك جليًا في عمل بعنوان «تأمل في الضوء» للفنان اليوناني ديونيسيوس والذي اعتمد فيه على توجيهات الذكاء الاصطناعي، والذي بحسب ما أعلن يعتبر مشاركته بعمل يُعرض أمام الأهرامات ويتفاعل معها لحظة “غاية في العمق”، وهي كذلك بالفعل، لكنه أضاف أمرًا مثيرًا للاهتمام، وهو رغبته في “السماح للجميع برؤية أنفسهم من خلال عملي أيضًا، هو أمر عاطفي ويؤدي إلى تحول في الحياة، فالتاريخ يلتقي بالمستقبل وأنا موجود بالفعل أثناء حدوث ذلك”. 

أعتقد أن ديوريس لخص أهمية المعرض وكافة المعروضات الأخرى في هذه الجملة مفسرًا عنصر الجذب الأكبر المتعلق بالأعمال الفنية هناك.

«تأمل في الضوء» للفنان اليوناني ديونيسيوس

 

وهذا أيضًا ما أكدت عليه نادين عبد الغفار، مؤسسة ” كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت” المنظمة للمعرض، في حديثي معها عن المعرض الذي أكدت أن نسخته الثالثة التي تقام حاليا على أرض الأهرامات، هي النسخة الأكبر بعد نجاح كبير، وغير متوقع تبعا لطبيعة الأعمال المعاصرة والتي تعد في أغلبها أعمالا مركبة، لكن مع ذلك تفاعل معها عدد الزائرين الذين تجاوزوا المليون في النسخة الأخيرة، واستطاع أن يحافظ على معدل مرتفع للزيارات.

ولفتت نادين إلى أن الفارق في طبيعة الأعمال هذا العام هو تفاعلها مع الزائر، في محاولة لخلق رابط بين الفنان المعاصر ومصر الفرعونية متمثلة في الأهرامات والزائر.  

نادين عبد الغفار، مؤسسة “كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت”

مرصد التاريخ

هذا يتضح جليا في العمل الأول الذي قابلته أثناء زيارتي للمعرض، وهو للفنان الأرجنتيني آرثر ليشر، بعنوان «المرصد»، وفيه يمكنك أن ترتفع لعدة درجات داخل العمل ليمكنك مشاهدة الأهرامات من زوايا مميزة جدًا ومتعددة، تجعلك في اتصال وتفكير بالأبعاد الهندسية وفي المعمار الخاص والمتميز للأهرامات التي بنيت منذ آلاف السنين.

ويبدو أن اهتمام الفنان بهذا البعد له جذور أبعد، إذ أكد على أنه مهتم بدراسة العلاقة بين البشر وموقعهم في الكون: “ولطالما مثلت الأهرامات انعكاسا ملموما لتلك العلاقة منذ آلاف السنين، وكانت وسيلة لربط علاقتنا بالكون بشكل رمزي وفعلي من خلال الفن والهندسة المعمارية. إن إنتاج العمل في مصر اليوم يشبه إعادة صياغة سؤال تم طرحه بالفعل في بداية الحضارة منذ وضع أول حجر فيها، وذلك يشبه التساؤل عن موقفنا أمام عظمة اليوتوبيا البشرية، آخذين بعين الاعتبار البعد الكوني الذي ننغمس فيه، كما تتأمل المقياس البشري في إطار جديد، باستخدام الجزء الداخلي للأهرامات كمعيار”. 

“المرصد” للفنان الأرجنتيني آرثر ليشر
منظور داخلي للعمل الفني «المرصد» للفنان الأرجنتيني آرثر ليشر

 

معبد ومرآة

مثل هذه الأفكار الخاصة بليشر يمكن أن تراودك كذلك مع العمل التالي الذي يحمل اسم «معبد الشبح»، وهو عبارة عن مجسم من الحديد، يمكنك السير من خلاله والتأمل في فلسلفة الفنان المصري البريطاني سام شندي، الذي اعتقد أنه أراد أن يذكرنا بالكنوز التي تغيرت بشكل ما مع الزمن ولكنها لا تزال تحتفظ بسحرها الذي نراه من بين هذا الممر الذي يمثل وسيلة عبور إلى ذلك العالم الساحر، الملهم، والمتفرد. 

«معبد الشبح» للفنان المصري البريطاني سام شندي

 

الأمر نفسه يمكن استشعاره بشكل مختلف وبرؤى أكثر إثارة للأفكار والخيال من خلال عمل الفنانة الأرجنتينية بيلار زيتا “بوابة المرآة”، والتي قالت في تصريحاتها الصحفية، إنها نفذته باعتبارها فنانة مفتونة بالثقافة المصرية، وملهمة بالتصوف القديم في مصر، حيث تحمل هذه البوابة أهمية كبيرة بالنسبة لها، وقالت: “هذه البوابة بمثابة تذكير بجاذبيتها الغامضة وبوابة متعددة الأبعاد بين الزمان والمكان، فهي بوابة من الحجر الجيري، جنبًا إلى جنب مع كرات طلاء السيارات الذهبية والزرقاء، تعكس تقارب المواد الطبيعية والاصطناعية في عصر ما بعد الصناعة، وذلك بجانب القشرة الجيولوجية لكوكبنا، بينما يجسد اللون الأزرق القزحي الخنفساء المقدسة، ويرمز إلى الولادة والتجديد، وبجوار التركيب، يوجد هرم من الحجر الجيري وكرة يخلقان تباينًا بين العوالم الزمنية، ويؤدي مسار رقعة الشطرنج، وهو رمز للازدواجية، إلى مرآة بيضاوية، ترمز إلى إمكانات كل الأشياء واستكشاف العقل الباطن لدى الفرد؛ فعندما يرى المشاهدون انعكاساتهم داخل الأهرامات، سيلمحون الإمكانيات اللانهائية للخالق في الأساطير المصرية، حيث تم تصوير تحوت على أنه طائر أبو منجل، وهو مخلوق ذاتيًا، ويضع البيضة الكونية التي تحمل جوهر الخليقة بأكملها”.

هذا الوصف الدقيق الذي شرحت فيه الفنانة رؤيتها للعمل يفتح الباب أمام تصورات عدة للمشاهد عن علاقته الشخصية وشعوره تجاه البيئة المحيطة به والطاقة التي يستمدها منها. 

عمل الفنانة الأرجنتينية بيلار زيتا “بوابة المرآة”

 

خلود

نوع آخر من الاتصال قدمه الفنان الفرنسي ستيفان بروير من خلال قطعته الفنية بعنوان “معبد •I•”، وهو عبارة عن لوح زجاجي به هرم ذهبي مقلوب، استلهمه الفنان من فكرة أمنية الخلود عند القدماء المصريين، ويقول: “يبدو المثلث الذهبي المقلوب وكأنه يطفو في الفضاء مثل الظهور الإلهي، وينقل رؤية مادية ومعنوية شديدة القوة لضوء نقي، ولكنه نصب معنوي يهدف إلى الحفاظ على الذكريات الرقمية لكل إنسان تواصل مع هذا العمل الفني، من خلال تقنية غير مرئية، يمكننا الاتصال بهذه الأيقونة بهواتفنا، حيث تخبرنا في المقابل برمز رقمي لوجودنا مما يجعل الآن هو الأبد، فالمعبد يأخذنا في لحظة تأمل لكل من العالم الخارجي وعالمنا الداخلي بامتنان كامل”.

من هنا وأمام هذا العمل بفكرته تتداعي الكثير من الأفكار الأخرى المتعلقة باستمرار التاريخ عبر الأجيال واتصالهم بأشكال وأنماط متعددة ومتجددة من جيل إلى آخر، بل وبفكرة الخلود في ذاتها التي فتن بها المصريون القدماء، والتي أعتقد مازلنا كآدميين على اختلاف ثقافتنا مفتونين بها ونعبر عن ذلك بالفعل بمحاولات الخلود من خلال التقنيات الحديثة. 

عمل الفنان الفرنسي ستيفان بروير بعنوان “معبد •I•”

الهرم المعاصر

هذا العمل الأخير لبروير اتخذ من الهرم أساسًا له، وهذا تكرر في العديد من الأعمال الأخرى التي جسدت الهرم بشكله المعروف بأسلوب عصري يتفاعل مع الماضي ويدمجه مع موروثات وبيئات أخرى، منهم عمل آخاذ وبديع يلفت الأنظار بمجرد النظر إليه وهو بعنوان «الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي الذي صنع هرمًا من أقفاص الخوص الشهيرة في مصر، فظهر متدرجًا ومصنوعًا بشكل يحاذي الأهرامات من خلفه. يمكنك أن تتفاعل مع هذا الهرم كذلك بالعبور إلى داخله لتعيش تجربة مختلفة كذلك تولد العديد من الأفكار حول علاقة الحضارة بالتراث، الماضي بالحاضر، والتاريخ بالحداثة، كما أن الخامة المصنوعة منها وهي أقفاص الخوص تولد أفكارًا وتتفاعل مع مفاهيم كالاستدامة والبيئة، والحرف التقليدية، والمهن التراثية وغيرها.  

«الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي
«الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي
جانب من العمل الفني «الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي
من داخل العمل الفني «الهرم الشفاف» للفنان السعودي راشد الشعشعي
الأهرامات كما تظهر من داخل العمل

 

أيضًا عبر الفنان المصري محمد بنوي، عن الهرم برؤيته الخاصة من خلال النجوم المتراصة بشكل هرمي المليئة بالحرية والحركة والحياة، بعنوان «كما فوق، كما تحت»، وهي العبارة التي جاءت في ألواح الزمرد التي كتبها الإله تحوت، والتي تجعلنا نفكر فيما وراء هذا العمل وما وراء الأهرامات كمعنى وكروح وحكايات لا تحصى نرى منها مجرد جزء بشكل ملموس ونستشعر ما هو أعمق منه. 

«كما فوق، كما تحت» للفنان المصري محمد البنوي
«كما فوق، كما تحت» للفنان المصري محمد البنوي
جانب من العمل الفني «كما فوق، كما تحت» للفنان المصري محمد البنوي

 

كذلك تفاعلت الفنانة الإماراتية عزة القبيسي مع البيئة ومع الأهرامات في عملها المعنون بـ«كنوز»، وهو عبارة عن أشكال تشبه الكثبان الرملية يتوسطها هرم بالألوان البنية، يمكنك أن تتجول وسط هذه الكثبان أو التضاريس لتعيش أجواء البيئة بالأهرامات، وتعيد اكتشاف الجمال الكامن بها. 

«كنوز» للفنانة الإماراتية عزة القبيسي
«كنوز» للفنانة الإماراتية عزة القبيسي
«كنوز» للفنانة الإماراتية عزة القبيسي

الأهرامات والشمس

بالطبع هناك علاقة خاصة تربط بين الشمس والحضارة المصرية القديمة، وهو ما عبر عنه بعض الفنانين في أعمالهم مثل العمل الفني “بوابة النور” للفنان البلجيكي آرنيه كوينز الذي جسد قرص الشمس بشكل وألوان مختلفة وفريدة وبخامة حديدية، فهو اعتبر أنه يقدم وجهة نظر بديلة لأهرامات الجيزة، حسبما أعلن فقال عن العمل: “هو قطعة فنية أستكشف فيها الديناميكيات بين قوة الطبيعة وهشاشتها، حيث يشير إلي الثقافة المصرية القديمة والغنية التي لعبت فيها الشمس دائمًا دورًا مهمًا، فالعمل يتناول الشمس كونها العنصر الأساسي لكل أشكال الحياة، من خلال إطار دائري منحوت، ففني يعبر عن كيفية إدراكي للطبيعة، أحاول أن أنقل التناغم وسرعة الزوال وازدواجية الطبيعة من خلال عملي، كما أريد بفني أن أغمر المشاهد بجمال الطبيعة وتنوعها الجامح”.

“بوابة النور” للفنان البلجيكي آرنيه كوينز
“بوابة النور” للفنان البلجيكي آرنيه كوينز
جانب من العمل الفني “بوابة النور” للفنان البلجيكي آرنيه كوينز

 

أما الفنانة الهولندية سابين مارسيليس فتفاعلت مع الشمس بشكل مباشر من خلال عملها الذي اختارت له اسم إله الشمس “رع”، وفي عملها قدمت الساعة الشمسية بألوان برتقالية متدرجة ظهرت بشكل بديع معتمدة على طاقة الشمس الفعلية، في مزج آخر بين الحاضر والماضي، والتكنولوجيا والحضارة، وهي تشير إلى أنها “استلهمت عملها التركيبي بشكل خاص من الشمس، فإن هذا الموقع يشكل معنى خاصا جدا بالنسبة لها.

وأضافت: “وبكوننا مسقط رأس الساعة الشمسية (المزولة)، فإني أقدم عملا فنيا لا يمثل فقط مزولة شمسية، بل يسخّر أيضًا قوة الشمس ويحولها إلى طاقة حيث يبدو وكأنها أصبحت دائرة كاملة، فلقد كانت ثقافة مصر القديمة غاية في الإلهام بالنسبة لي، حيث يُعترف بقوة إله الشمس (رع) ويتمتع بالكثير من الاحترام والعبادة، إن تكريم هذه الأيديولوجية لتقديم عمل فني يستخدم التكنولوجيا الجديدة التي بدورها تستغل قوة الشمس بدرجة كبيرة هو أمر مميز للغاية”. 

العمل الفني “رع” للفنانة الهولندية سابين مارسيليس

شريان الحياة

الشمس ليست الرمز الوحيد المتصل بالحضارة المصرية القديمة، وإنما مثّل نهر النيل كذلك شريان الحياة لهذه الحضارة الفريدة، وهو ما عبر عنه بشكل لافت وبديع الفنان اليوناني كوستاس فاروتسوس في عمله «أفق» الذي يجسد مياه النيل في ثمان دوائر أفقية بمقدار معين يتوسط الأهرامات، ويثير التساؤلات والأفكار بشكل فعلى حول العلاقة الوطيدة بين الحضارة والماء التي أضفت حيوية للعمل بل وللأهرامات التي تراها من خلال هذا العمل.

وحين تحدثت مع الفنان عن هذا العمل لفت نظري إلى أفكار وأبعاد أخرى كذلك تتعلق بأفق كل من المياه والصحراء، فأكد على أنه اهتم بأن يكون العمل بشكل أفقي ليتضح هذا العمل ولتظهر الأهرامات وكأنها ترتكز على مياه النيل وينتج التفاعل بينهم الذي ولّد هذه الحضارة. 

“أفق” للفنان اليوناني كوستاس فاروتسوس

 

وأضاف: “العمل هو محاولة لإيجاد التناغم بين أفق كل من الماء والصحراء. الماء هو مصدر الحياة، المياه هي التي تجعلنا نعيش وننقل خبراتنا ونتبادل الثقافات مثلما يحدث الآن في هذا المعرض، ففي تاريخ الانسانية لدينا هذه التحركات الموجودة في المياة التي تخلق الحضارات الإنسانية”.   

الحضارة في صور مختلفة

بالتأكيد هذه الصورة عن الحضارة كانت حاضرة في ذهن غالبية المشاركين في المعرض من الفنانين بمختلف جنسياتهم وخلفياتهم، فنجد عظمة هذه الحضارة متجسدة في تمثال للإلهة حتحور من صنع الفنانة الأمريكية كارول فيورمان والذي أسمته “إمراه مصرية في هيئة الإلهة حتحور”، في دمج مميز بين المرأة المعاصرة وإلهة الأمومة والخصوبة، والحب، والجمال، والسعادة، والموسيقى. هي المعنى للسيدة المصرية وقوتها وحنانها وقدرتها. وهو ما رأته فيرومان التي أعلنت أنها صنعت هذا العمل من منطلق شغفها بالمفهوم العميق الذي تجسده، فهو يمثل تفسيرها الشخصي لحتحور، حيث تم تصويرها على أنها امرأة معاصرة تلخص جوهر الإلهة. 

“امراه مصرية في هيئة الإلهة حتحور” للأمريكية كارول فيورمان

 

وقالت كارول: “سمعتي الفنية تكمن في عرض منحوتات واقعية لنساء تحتفي بجمالهن الفطري ورفاهيتهن، وفي هذه المنحوتات، أسعى جاهدة لتمثيل الانسيابية التي تذكرنا بالمياه، تمامًا كما ترتبط حتحور أيضًا بالمياه والخصوبة، إن إضافة أغطية الرأس في منحوتاتي وخاصة غطاء الرأس الذي ترتديه حتحور يزيد من تعزيز الاتصال البصري بين الاثنين، فقد كان لحتحور أهمية كبيرة في الأساطير المصرية، حيث تم تبجيلها باعتبارها الإله الذي يجسد السماء والمرأة والخصوبة والحب والجمال والموسيقى والفرح والأمومة، لذلك سعيت إلى تكريمها من خلال هذا التمثال”. 

 

أما الفنان البحريني راشد آل خليفة فقدم عملا فنيا مستوحى من الحكايات المصرية القديمة باسم “الواقع لا زمان له”، وهو عبارة عن 12 لوحة من الألواح النحاسية المرتكزة على الأرض بشكل مائل تظهر وكأنها آثار استخرجت منها، كل لوحة منها محفورة بزخارف مختلفة مستوحاة من كتاب “برج بابل” للعالم اليسوعي أثناسيوس كيرشر عام 1679، الذي يقدم مخططًا للمتاهة المفقودة المذكورة في الكتاب.

“الواقع لا زمان له” للفنان البحريني راشد آل خليفة

عن أميرة دكروري

‎ مدرس مساعد بدبلومة الإعلام الرقمي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. صحفية وصانعة أفلام وثائقية ومنسقة إعلامية للفعاليات الثقافية والفنية، وآخرها مهرجان دوائر الثقافي. وتعمل حاليًا معدة بقناة الحياة. كتبت في عدد من الصحف والمطبوعات والمواقع الإلكترونية المصرية، منها بوابة الأهرام، ومجلات البيت وفنون وعالم الكتاب، وجريدة القاهرة. حاصلة على الماجستير في التلفزيون والإعلام الرقمي من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *