أميرة دكروري تحكي: قصة أول معرض فني في مصر بريشة الذكاء الاصطناعي

في يناير من العام 2022، ومع تزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، من ضمنها التصميم، قررت الدكتورة عليه عبد الهادي، أستاذ الفنون الجميلة، أن تستكشف هذا العالم الجديد.  فبدأت رحلتها فيه بالولوج إلى برنامج «Mid Journey»، لتطول الرحلة مع هذا البرنامج وتنتج في نهايتها معرضا فنيا بالكامل، هو الأول في مصر من صُنع الذكاء الاصطناعي.

في بداية علاقة الدكتورة علية بالبرنامج اكشتفت أنه ما إن تكتب له ما في بالك حتى يحوله إلى تصميم في غضون 10 ثوان لا أكثر. في البداية جربت أن تستخدمه في التصميمات الداخلية والديكور، فأسفر عن نتائج جيدة، كما استخدمته في تصميم أزياء وحُلي، وأنتج تصميمات نالت إعجابها، فبدأت تستخرج منه لوحات فنية. 

الفكرة لافتة، وأحدثت جدلا كبيرًا في الأوساط الفنية والأكاديمية، ما بين مُؤيد لفكرة التجريب، ومُعارض لفكرة تدخل الذكاء الاصطناعي إلى هذا الحد. 

البداية 

يحمل المعرض عنوان «أنا والذكاء الاصطناعي .. تجارب في مستقبل الفن».. فكرة التجريب إذن حاضرة بشكل أساسي في المعرض، وعندما تحدثت مع د. علية حول هذا الأمر قالت إن فكرة اللوحات، بدأت بعد تجاربها في  التصميم الداخلي والأزياء والحلى، فبدأت تطلب مشاهد معينة: “كنت أكتب مذكراتي عن سفريتي إلى إسبانيا سنة ١٩٩٧ مع طلابي في الأردن، فبدأت أُدخل أجزاء من يومياتي إلى البرنامج لتحويلها للوحات، فوجدت نتائج جيدة جدًا، ضمنتها في كتابي لتحدث مزجًا فريدًا بين الصور الحقيقية الملتقطة أثناء الرحلة، والصور المتخيلة التي أنتجها الذكاء الاصطناعي”.

تضيف: “بدأت أفكر فيما بعد في طلب مشاهد مختلفة تعبر عن مشاعر كالحزن والبهجة، وحالات كالرقص، أو المدينة وانعكاساتها على المياه، ورحلات صيد المصري القديم، فشعرت أن النتائج جيدة من حيث الألوان والتكوين، والمجموعة اللونية مثيرة جدا”. 

حالة تجريب

كل ذلك كان في إطار «التجريب»، هذه الكلمة التي تستخدمها د. عليه بكثرة أثناء حديثها؛ فالمعرض الذي يزيد عدد لوحاته عن 70 لوحة متنوعة في موضوعاتها هي نتاج تجريب لها من حيث التعامل والتفاهم مع الآلة، إن صح التعبير، فبحسب تأكيداتها هي تقوم بتعديل مدخلاتها في حالة تشبه الحوار بينها وبين الآلة، فتحدث تعديلات على اللون وعلى التصميم حتى يصبح المنتج في النهاية يشبه روحها في التصميم.

وقد خصتنا د. علية بواحدة من لوحاتها التي رسمتها في عام 1965، لنجد تشابهًا في الكثير من روح وأشكال الشخوص في اللوحات. 

 

تتنوع لوحات المعرض في موضوعاتها، وتغلب عليها الفتيات في تكوينات مميزة، بتراكيب لون مختلفة في مجملها ومتنوعة ما بين الأبيض والداكن في الكثير منها، بالإضافة إلى اللوحات التي يغلب على الكثير منها الطابع الفرعوني أو المصري القديم.

حالة حوار

كل ذلك كان من الممكن أن يقف في طور التجريب الشخصي، لكن فكرة إحداث حالة حوار حول هذه التطبيقات جاءت بالتدريج من خلال أحد تعليقات الأصدقاء لدكتورة علية عبر فيسبوك. تقول: “كنت أرفع اللوحات على موقع فيسبوك وأتلقى التعليقات من الأصدقاء، حتى سألني بعضهم إن كنت أبيع هذه اللوحات، ولم أكن أفكر في ذلك من قبل، لكن فكرت في إمكانية تنظيم معرض لعرض جميع اللوحات، وقمت “بالتجريب” في الطباعة فبدأت باللوحات الصغيرة التي طُبعت على ورق، ووجدت نتائج جيدة جدًا، ثم “جربت” في لوحات بأحجام أكبر على كانفاز، وأيضًا غالبية النتائج كانت جيدة جدًا، وأقمت المعرض”.

“لما اتعرضت اللوحات ماكنتش مصدقة.. شعور تاني خالص”.. هكذا كان تعبير د. علية عند سؤالها عن المعرض، موضحة أن فكرة المعرض في حد ذاتها وعرض اللوحات كان له وقع مختلف عليها، خاصة أنه خلاصة عمل مكثف لما يزيد عن العام ونصف العام. مضيفة: “شعرت بأني محاطة بحاجات بحبها وبتاعتي وفيها شخصيتي واختياراتي رغم إني مش رسماها بإيدي”. 

حالة جدل

أثار المعرض حالة جدل كبيرة، ما بين مؤيد ومعارض بقوة لهذه الفكرة وهو ما توقعته د. علية، إذ قالت إنها سعيدة بالحوار وتوقعت رفض البعض، بل والعنف في الرفض، ولكن أكثر الناس رفضًا للفكرة جاءوا ليشاهدوا بأنفسهم وهذا هو الهدف من حالة الحوار.

في رأيها أنه يجب أن يتم تضمين هذه التكنولوجيا الحديثة في المناهج التعليمية التي يدرسها الأساتذة لطلابهم، فمن غير المعقول أن يكون العالم بهذا القدر من التطور والمضي قدمًا، ونتخلف عنه وإلا سيتم تهميشنا، ففي النهاية الهدف هو تخريج طالب قادر على مواجهة سوق العمل والتغيرات، وهذا يجب أن يقوده الأساتذة والأكاديميون حتى ينقلوه لطلابهم. لافتة إلى ضرورة وضع ضوابط في استخدام التطبيقات، وهي ستأخذ مسارها الطبيعي مع انتشارها.