يشيد الجبرتي بعدالة الفرنسيين في محاكمة قاتل كليبر، ويقارنها بعنف المماليك، فيقول:
“كيف وقد تجارى على كبيرهم ويعسوبهم رجل أفاقي أهوج وغدره وقبضوا عليه وقرروه، ولم يعجلوا بقتله،… بل رتبوا محاكمة، وأحضروا القاتل وكرروا عليه السؤال.. بخلاف ما رأيناه بعد ذلك من أفعال أوباش العساكر الذين يدعون الإسلام”.
صورة تخيلية لكليبر
ويورد الجبرتي تقرير الطبيب الشرعي عن كليبر، قائلاً إنه “انضرب بسلاح مدبب وله حد، وجروحاته كانت أربعة، الأول منها تحت البز في الشقة اليمنى، والثاني أوطى من الأول جنب السوة، والثالث في الذراع الشمال نافذ من شقة لشقة، والرابع في الخد اليمين”. أما المهندس بروتاين الذي كان بصحبة كليبر فإنه”مضروب ستة أمرار بسلاح مدبب وله حد”.
خلال التحقيق مع سليمان الحلبي، وبعد مراوغته، “أمر ساري عسكر بضربه،” فاعترف قائلًا:
“أرسل من طرف أغات الينكجرية (كانوا يحكمون الشام)، وأنه حين رجع عساكر العثملي من مصر إلى بر الشام، أرسلوا إلى حلب بطلب شخص يكون قادرا على قتل ساري عسكر العام الفرنساوي، ووعدوا لكل من يقدر على هذه المادة (أي قتل القائد الفرنسي) أن يقدموه في الوجاقات (المناصب) ويعطوه دراهم، ولأجل ذلك هو تقدم وعرض روحه لهذا”.
صورة رمزية لكل من كليبر وسليمان الحلبي
وفي جلسة لاحقة، صرّح أنه التقى في القدس بأحمد أغا، أحد رجال الوزير في الشام، و”شكا له من إبراهيم باشا متسلم حلب الذي يظلم أباه…”، فعرض عليه أحمد أغا قتْل كليبر مقابل التدخل لصالح والده، ثم أرسله إلى ياسين أغا في غزة “لأجل أن يعطي له مصروفه”. هناك التقاه ياسين أكثر من مرة ووعده برفع الغرائم عن أبيه، وأعطاه أربعين قرشًا للسفر.
ويمكنكم قراءة الجزء الأول من هذا المقال عبر الرابط التالي: