أحدث الحكايا

شهرزاد تحكي: حكاية لوحة أذن فان جوخ التي خلّدت معاناته

حياة فان جوخ المليئة بالألم، صارت فيما بعد أيقونة فنية خالدة عبر السنين، يتأملها الناس بحب وشغف وتقدير لهذا الفن الذي يعبر عن روحه ببراعة شديدة، لكن بعض اللوحات تحمل خلفها آلامًا لا تنمحي مثل هذه اللوحة الذاتية لفان جوخ، التي رسمها الفنان الهولندي عام 1889، والمعروضة حاليًا  في مجموعة معهد كورتولد للفنون. 

صورة ضمادة الأذن لفان جوخ – بورتريه ذاتي

اللوحة علامتها الأبرز هي تلك الضمادة البيضاء التي تغطي أذن فان جوخ وتمتد إلى أسفل ذقنه، والتي بالطبع تحمل قصة مثيرة للألم، تبدأ مع انتقاله من باريس إلى آرلي على أمل إنشاء مجتمع للفنانين للدعم والتشجيع المتبادل، ودعى صديقه من باريس الفنان بول جوجان ليصحبه في هذه الرحلة. لكن هذين الصديقين لم يكونا على وفاق طوال الوقت إذ إنهما كثيرا ما كانا يتشاجران، وقد يصل الشجار والجدال بينهما إلى استخدام العنف. 

حكاية اللوحة

في مساء يوم 23 ديسمبر 1888، وأثناء أحد شجاراتهم، تعرض فان جوخ لنوبة حادة هدد خلالها جوجان بشفرة حلاقة، لكنه جرح نفسه وقطع جزءًا من أذنه اليسرى. وعندما عاد جوجان في صباح اليوم التالي، اكتشف أن الشرطة وصلت إلى المنزل، وأن الدماء تتناثر في أرجاء الغرفة، إذ إن فان جوخ جوخ كان قد قطع شريانًا في رقبته، فقد على إثره الكثير من الدماء وانتقل إلى المشفى في حالة صحية خطيرة.

وحتى وفاته ظل فان جوخ ينكر تذكره ما حدث خلال هذه النوبة، والتي كثيرا ما عانى من نوبات مماثلة لها وكثيرة القسوة.

هذه هي الرواية الشائعة، لكن أشيع كذلك أن جوجان هو الذي قطع أذن صديقه، وتستر عليه فان جوخ حتى لا يتعرض للمساءلة. 

التكوين

رسم بعدها فان جوخ هذه اللوحة لنفسه التي تُظهره مرتديًا قبعة زرقاء مع فرو أسود ومعطف أخضر، والضمادة تغطي أذنه، في تكوين تقليدي، وخلفه توجد نافذة مفتوحة، يفترض أنها تسمح بدخول نسيم الشتاء، ولوحة قماشية على حامل، مع بعض العلامات التي لا يمكن تمييزها، بالإضافة إلى لوحة خشبية يابانية، عرف بعد ذلك أنها لوحة Geishas في منظر طبيعي نشرها Sato Tokyo في سبعينيات القرن التاسع عشر.

لون البشرة صامت بدرجات خضراء وصفراء. تشير الضمادة التي تغطي أذن فان جوخ في هذه اللوحة إلى أشهر صراعاته. استخدم فان جوخ مرآة لصوره الذاتية ولهذا يُعتقد البعض خطأً أنه فقد جزءًا من أذنه اليمنى بدلاً من اليسرى.

لوحة Sato Tokyo في سبعينيات القرن التاسع عشر

 

في وقت وفاة فان جوخ، كانت هذه اللوحة في حوزة جوليان بير تانجوي، على الرغم من أنه لم يتضح كيف حصل عليها. ثم عرضت في باريس 1901 – 1905 في معرض استعادي كبير لفان جوخ. وفي عام 1928 اشتراها صامويل كورتولد، وهو موجود حاليًا في معرض كورتولد في لندن. 

جدل حول اللوحة

بعض النقاد يرفضون هذه اللوحة باعتبارها مزيفة أو مقلدة. لكن هذا تم نفيه إذ إنه في 17 يناير 1889، كتب فينسنت إلى أخيه ثيو مشيرًا إلى أنه أكمل “صورة شخصية جديدة أخرى” له، وصار جدل حول ما إذا كان هذه اللوحة أو غيرها من اللوحات الذاتية، إذ إنه يرتدي نفس الملابس ويجلس في نفس الوضع، على الرغم من اختلاف أنظمة الألوان والتكوينات والمواقع.

لكن أصبحت تلك اللوحة الشخصية مقبولة على نطاق واسع في الأوساط الأكاديمية كواحدة من لوحات فان جوخ الأصيلة.

عن شهرزاد

المحرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *