على ضفاف النيل قامت الحضارة، وفي مياهه انعكست حكايات آلاف السنين وأساطيره، ومع كل فيضان كانت مصر تحتفل بعيد وفائه؛ العيد الذي جمع بين الأسطورة والتاريخ والطقوس الشعبية.
تحكي الأسطورة أن نهر النيل يرعاه إله في هيئة رجل يعيش – وفق الخيال الشعبي – في أحد كهوف أسوان، يُدعى “حابي”. كان متقلب المزاج؛ تارة يحافظ على منسوب ملائم للمياه، وأحيانًا يغضب فيفيض ويغرق الأراضي والبيوت، وأحيانًا يشح ماؤه فيعمّ الجفاف ويموت الزرع والناس. ولإرضائه، كان المصريون القدماء يقدمون له القرابين والهدايا، ثم ظهرت لاحقًا أسطورة “عروس النيل” التي تحكي أن أجمل فتيات مصر كانت تُلقى في النهر له كقربان لضمان وفائه بالفيضان.
ولعل أشهر الأعمال السينمائية التي تناولت الأسطورة فيلم “عروس النيل” (1963)، الذي لعب بطولته الفنانة لبنى عبد العزيز، والفنان رشدي أباظة.
يحكي الفيلم عن سامي، الجيولوجي الذي سافر إلى الأقصر لمتابعة عمليات التنقيب عن البترول، لكنه يُمنع من الاستمرار لأن المنطقة مقبرة أثرية لعرائس النيل.
وهناك، يرى سامي فتاة فاتنة ترتدي زي عروس النيل تُدعى “هاميس”، تطلب منه وقف الحفر، وتخبره أنها ابنة آتون إله الشمس، وآخر عرائس النيل، وأن والدها أرسلها إلى الأرض لحماية مقابر العرائس.
يعرض متحف النيل بأسوان حكاية “عروس النيل” ضمن قسم يضم أشهر الأساطير التي نسجها الخيال الشعبي حول النهر وقداسته.
غير أن المتحف يوضح الحقيقة التاريخية، وهي أن المصريين القدماء لم يقدموا البشر كقرابين أبدًا.
ووفق ما يرويه المتحف:
“كان المصريون يحتفلون بعيد وفاء النيل بإلقاء الفواكه والخضروات وأطيب الأطعمة، إلى جانب الحلي والثياب، في مياه النهر، كما كانوا يلقون تماثيل خشبية ربما أطلقوا عليها اسم “عروس النيل”.
وكانوا يلقون أيضًا بسمكة من نوع الأطوم، وهي من الثدييات البحرية القريبة في شكلها من الإنسان، ويصفها علماء البحار بـ”إنسان البحر”.
وكان أجدادنا يزينون هذه السمكة بالورود والألوان المبهجة، ويضعون عليها بعض الحلي قبل أن يقدموها قربانًا للنيل.