لفت نظري فكرة الرواية التي طرحتها دار «العربي» بعنوان «أفتر إيت» للشاعر محمود رضوان. فهي تتناول حكايات فرق الأندرجراوند في فترة زمنية معينة. ليس لفكرتها الجذابة فحسب وإنما بسبب كاتبها أيضا فمحمود رضوان شاعر مشتبك مع الوسط الموسيقي بشكل كبير، فغنى له عدد من نجوم الغناء من بينهم محمد منير وأصالة وهاني عادل ووسط البلد وكايروكي وفيروز كراوية ومي كساب وديانا كرازون وشاندو وبدراوي ووائل الفشني وغيرهم!
هذا فضلا عن دواوينه الشعرية المميزة من بينها حافي وحر ودبدوشكا وقبل ما تخلص الحكايات، وترجمت له عدة قصائد إلى الإيطالية تحت رعاية البابا فرانسيس الأول بابا الفاتيكان بمشاركة عدد من شعراء وكتاب أوروبا، وتم تدريس بعض أعماله بالمعهد الهولندي والجامعة الأمريكية بالقاهرة.
مع هذا الزخم لابد وأن رواية عن فرقة موسيقية ستكون لها أبعاد مميزة ومختلفة، خاصة وأن رواية «أفتر إيت» هي الرواية الثانية له بعد “كحّال” التي لاقت إقبالا مميزا عندما طرحت منذ سنوات قليلة وكشفت عن قلم روائي هام لرضوان.
حكاية أفتر إيت
التقيت الشاعر والروائي محمود رضوان ودار بيننا حديث مميز بدأ برحلته مع فكرة الرواية التي جاءته حينما اقترح عليه المخرج ومدير التصوير السينمائي طارق التلمساني تقديم معالجة سينمائية تدور حول ظهور فرق الأندرجرواند الموسيقية وارتباطها ببعض الأماكن في وسط البلد مثل ممر الأفتر إيت والغناء به والانطلاق من خلاله. قال رضوان: “وقتها كان الحدث الرئيسي الذي يفرض نفسه على الساحة هو سقوط بغداد ونظام صدام حسين، ولكن التلمساني انشغل لفترة طويلة في التمثيل، بعدها سافرت أنا للعمل بالخارج لمدة سبعة سنوات إلى أن عادت الفكرة من جديد في شكل رواية سينمائية تدور أحداثها في ممر الأفتر إيت قبل يناير 2011.”
كشف رضوان لنا كذلك عن أحداث الرواية التي تدور حول هاشم الذي تقوده الأقدار للاطلاع على سر قديم يمس جده الذي يكتشف أنه مات مسموماً بعد مؤامرة من إحدى العائلات اليهودية قبل خروجهم من مصر عقب ثورة 1952 تحديداً عام 1954 بهدف سرقة عقد أحد قصور وسط البلد، وأن ذلك كله حدث على هامش حفلة من حفلات السيدة أم كلثوم في دار سينما قصر النيل، وتحديداً في المقهى التابع للسينما وقتها، وكان اسمه “جُحا” والذي تغير اسمه عام 1962 ليصبح “أفتر إيت” ويرتبط اسمه بذلك الممر الشهير بقهوته وملهاه الليلي الذي تدور بهما الأحداث.
وبالحديث عن الرواية وأبطالها قال رضوان إن هاشم الجافي بطل الرواية شخص بسيط ومنطو لكنه يتحول بعد هذا السر لشخص آخر.
الرواية السينمائية
يبدو أن الرواية بها قدر من الدرامية بالفعل لكن لفت نظري مصطلح الرواية السينمائية، الذي أكد صاحب «كحال» أنه لم يخترعه وإنما استخدامه يعني أن الرواية بها مشهدية عالية قائمة على التسلسل الزمني والدرامي. يقول: “لن تجدها رواية محشوة بنصائح أو إسقاطات قادمة من عالم تنمية الذات كما هو المتبع في الروايات هذه الأيام، فأنت منذ اللحظة ستلهث مع الأبطال للوصول للنهاية دون أن تجد نفسك غارقاً في تأملات الكاتب ومنولوجاته الاستعراضية الطويلة التي تشبه الكتابات التأملية على مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويضيف رضوان: “شخصيات هذه الرواية كُتبت بعناية فائقة وبملف خاص بكل شخصية من حيث المهنة والطباع والحالة النفسية والمزاجية والاجتماعية أيضاً كما تم رصد تحولات الشخصية بين الماضي والحاضر بين ثلاثة أجيال ما بين 1954 وحتى نهاية 2010”.
وعن الشعر وهل اعتزل محمود رضوان الشعر واتجه للرواية؟ يقول: “الشعر لا يُعتزل أبداً ولدي ديوان سأعلن عنه قريباً، كما أننى مازلت أكتب الأغنية وأتعاون مجدداً مع عدد من الفرق الموسيقية مثل وسط البلد وأيضاً انتهيت من أوبريت مع الفنان مدحت صالح والفنانة ريم عز الدين أرجو أن يرى النور قريباً”.