أحدث الحكايا

د. هيثم الحاج علي يدعو لتوثيق حكايا جرائم الحرب الإسرائيلية في «شهرزاد»

استمعت بالأمس إلى مداخلة قامت بها إحدى القنوات العربية مع أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش العدو، وكانت المداخلة حول قصف المستشفى الأهلي المعمداني، تلك الواقعة الوحشية التي تؤكد أن هذا الكيان الاستيطاني لا يعيش إلا على دماء الأطفال والمدنيين، فكما قتل اللاجئين العزل في المخيمات وقتل الأطفال في بحر البقر لم يتوان عن قتل الأطفال والجرحى بوحشية ليبث رسالة مفادها أنه الوحش الذي يجب أن نهرب من أمامه، وإذا كانت الرسالة قد يظن أنها وصلت، ولأننا في عصر السوشيال ميديا فإنه قد بدأ يغير قليل من استراتيجيته، لم يغير الرغبة في القتل لكنه فقط غير من طريقة التعاطي الإعلامي.

جريمة مدرسة بحر البقر

ذهن مريض

فبعد موجة غضب لمعت في ذهنهم المريض قصة وجدوا من يصادق عليها دون تفكير، ومفاد هذه القصة أن الفلسطينيين هم من قتلوا أولادهم وجرحاهم لكي يلصقوا التهمة بالأعداء، مع ادعاء أن هذه هي الطبيعة الوحشية التي لم تتغير لهؤلاء العرب.

لم تصدمني الرواية الملفقة تلفيقا واضحا لكنني توقفت أمام بعض العبارات التي أصر عليها ذو الوجه القبيح في مداخلته، فقد كرر مرات ومرات أنهم قد حققوا بنفسهم في الموضوع وأثبتوا – لأنفسهم – بالوثائق والأدلة – التي لم يعرض منها شيئا – أن الفلسطينيين هم من فعلوها.

وعندما كان المذيع يلح عليه في مطلب لجنة تحقيق دولية كان الرد الجاهز دائما: لقد حققنا في الموضوع ووصلنا إلى الحقيقة الثابتة، وهكذا بصفاقة يحسد عليها.

جريمة استهداف المستشفى المعمداني بغزة

خطر التزييف

كل ذلك يوحي بل يؤكد أن هذه القصة سيعمل عليها الصهاينة وأنصارهم لكي تكون هي الثابتة في التاريخ، وربما أستطيع التأكيد أننا بعد عام أو اثنين لن نجد سوى هذه القصة على صفحات الإنترنت بوصفها الموثق العصري، وذلك في ظل انشغالنا بإنقاذ أرواح أبنائنا وإخوتنا، وهو ما يوحي بخطر تزييف لما شاهدناه بأعيننا، وتبديله إلى قصتهم الخاصة كما فعلوا من قبل في عديد من القصص خاصة تلك التي تؤرخ لمذابحهم أو انتصاراتنا، وهو أمر ثابت في التاريخ ويجب علينا مواجهته.

ولذلك فإنني أدعو من هنا من منصة “شهرزاد” لتثبيت القصة الفلسطينية الحقيقية وذلك عن طريق عدة خطوات أولها تكوين لجنة شعبية عربية لصياغة قصة مذبحة المعمداني على أن تكون مهمة هذه اللجنة هي جمع المعلومات الحقيقية ممن عاصروا وشاهدوا المذبحة، ثم جمع الحكايات المتنوعة في رواية واحدة يتم الإجماع عليها ثم العمل على نشرها في نطاق واسع بالصور إن أمكن ومع ترجمتها بكل اللغات المتاحة ليرى العالم كله وحشية المحتل ومذابحه، وليتم تثبيت مسرودتنا الخاصة.

إن مثل هذا الإجراء يجب أن يتم الآن وهنا درءا لكل التلاعبات المتوقعة من العدو، وتثبيتا لحق نراه بأعيننا، مع الإشارة إلى أهمية تلك الخطوة التي ستغلق أبوابا كثيرة في المستقبل.

No photo description available.

 

عن د. هيثم الحاج علي

شاعر وناقد، أستاذ مساعد الأدب العربي الحديث والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان. شغل سابقا العديد من المناصب في وزارة الثقافة المصرية مثل: رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية، له العديد من الكتب النقدية والإبداعية.

تعليق واحد

  1. عبدالعزيز الخليلي

    أنا من قرية شهداء بحر البقر ومستعد للمساعدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *