شهرزاد
يُحكى أنه في أحد أيام العام 1927، أثناء خروج الفنان الإسباني بابلو بيكاسو من جاليري لافاييت في باريس، التقى للمرة الأولى بالعارضة والرسامة الفرنسية ماري تيريز والتر، تحدثا سريعا ثم غادرا وهم يحملان بداخلهما شرارة الانجذاب الأولى.
تمر الأيام وتزداد صداقة بيكاسو وماري، حتى صارا عاشقين في السر لسنوات طويلة، وأصبحت تلك الفتاة التي التقاها سرا ملهمته الذهبية لفترة من حياته.
رسم بيكاسو حبيبته الفرنسية في عدد من اللوحات، أشهرها لوحة “سيدة في لا مونتر”، التي رسمها عام 1932، بشكل استثنائي، وهي ترتدي إحدى ساعاته الثمينة على معصمها. فقد كان بيكاسو مولعا بساعات اليد وكان يمتلك ثلاثاً من أهم الساعات في العالم، وهي “رولكس” و”جيجر لوكولتر” و”باتيك فيليب”.
واللافت للنظر أنه رغم ولع بيكاسو هذا، لم تظهر الساعات إلا في ثلاث من لوحاته فقط، من ضمنها لوحة “سيدة في لا مونتر”، التي تعد حاليا واحدة من أفضل وأهم اللوحات الفنية وأكثرها ندرة في العالم، وتقدر قيمتها بما يزيد عن 120 مليون دولار أمريكي (حوالي 3.7 مليار جنيه مصري).
رسم بيكاسو اللوحة في شهر أغسطس، خلال العام الذي شهد طفرة وتطورا مذهلا في أسلوبه الفني، بألوان حيوية وشغف كبير، أظهرا التحرر أخيراً من سرية علاقته بماري، ومدى الحب الذي يكنه لها، مخلدا بريشته قصة حب مثيرة مازالت موجودة حتى الآن. وجعلت من تلك اللوحة تحفة فنية يتنافس جامعو اللوحات حول العالم على ضمها لمجموعاتهم.
اقرأ أيضا:
شهرزاد تحكي: “إنديانا جونز” يستعيد “حديقة فان جوخ” المسروقة
“سيدة في لا مونتر”.. في غرفة معيشة أمريكية 50 عاما
اشترت جامعة الأعمال الفنية إميلي فيشر لانداو، لوحة بيكاسو “سيدة في لا مونتر” في العام 1968، من معرض “Pace” بأمريكا، في بداية رحلتها كهاوية لاقتناء التحف واللوحات، فكانت هي أولى اللوحات التي تقتنيها، وظلت أكثر من خمسين عاما معلقة فوق رف الموقد في غرفة المعيشة بمنزلها في نيويورك. وبعد أكثر من خمسة عقود تسافر اللوحة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة الإمارات، في جولة تعريفية بمركز دبي المالي العالمي، يومي 25 و26 سبتمبر الجاري، تمهيدا لعرضها للبيع في مزاد علني بدار سوذبيز في نيويورك يومي 8 و9 نوفمبر المقبل.
ومن المتوقع أن تباع لوحة “سيدة في لا مونتر” بسعر استثنائي، ضمن حوالي 120 عملاً فنياً ثمينا، يتوقع أن يباعوا جميعهم بما يزيد عن 400 مليون دولار، لتكون لحظة تاريخية لسوق الفن في العالم.
وخلافا للوحة “سيدة في لا مونتر”، لم تتخذ أي لوحة من لوحات بيكاسو التي رسمها في عام 1932، أهمية مماثلة في سوق المزادات منذ العام 2010، وحتى الآن.
ويذكر أنه قد تم تسجيل الرقم القياسي لسعر عمل فني لبيكاسو بمبلغ 179 مليون دولار أمريكي، وذلك ضمن مزاد أقيم عام 2015.