خطأ إمام عاشور ليس وليد الصدفة
عندما أراد اللاعب المصري إمام عاشور إعلان التضامن مع أهلنا في غزة أخطأ باختيار العلم الإماراتي بدلا من العلم الفلسطيني، وهو خطأ رغم طرافته وسط تلك الأحداث القاتمة إلا أنه يشير إلى تاريخ من اشتراك العديد من الدول العربية كفلسطين والأردن والكويت والإمارات والسودان وليبيا في إرث رباعية ألوان علم الثورة العربية الكبرى الذي اختاره القوميون العرب في بدايات القرن الماضي رمزا لثورتهم وحلمهم في الدولة العربية الكبرى.
وتم اختيار الألوان بناء على مزج اللون الأحمر كرمز ثوري، مع ألوان الرايات التي رفعها العرب قديما كرايات لدول الخلافة (الأبيض للدولة الأموية والأسود للدولة العباسية والأخضر للدولة الأموية في الأندلس).
وتم تزيين الراية ببيت شعر صفي الدين الحلي:
“بيــض صنائعنا/ سود وقـائعـنا/ خضر مرابعنا/ حمر مواضينا”
الكتابة عن تداخل القضية الفلسطينية مع الرياضة هو أمر معقد للغاية وبالتأكيد تناول الأمر من خارج الصندوق الفلسطيني من خلالي ككاتب مصري سيكون به قدر كبير من التسطيح وعدم فهم للمعاناة الحقيقة؛ فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.
وبجانب صعوبة الأمر فهو موضوع شديد الاتساع والعمق أشبه بمحيط واسع يصعب بالطبع أخذ عينة منه في زجاجة.
لذا هذا ليس بحثا في الأمر ولا أزعم أنه يغطي أي شيء إنما هو كعادتنا في “شهرزاد” مجرد حكايات عن الناس.
والناس هذه المرة هم أهلنا في فلسطين.
والحكايات هذه المرة أربع حكايات تشابكت فيها الرياضة مع القضية.
حكايات لست بالطبع من أوائل من كتبوا عنها لكنها المحاولات الدائمة لإبقاء القضية وحكاياتها في الذاكرة.
أربع حكايات كل حكاية بلون من ألوان العلم الذي أقسم ياسر عرفات بأن طفلا لم يأت بعد سيرفعه على كنائس ومساجد القدس.
أخضر:
نادي “بالستينو” التشيلي.. أجمل حكايات الوطن الذي لا يُغادر حتى بالرحيل
عن الوطن الباقي
هي أجمل الحكايات الرومانسية التي تداخلت فيها الرياضة مع القضية، ويكفي أن تاريخ تأسيس نادي “بالستينو” في تشيلي، سابع أقدم أندية تشيلي من قبل الجالية الفلسطينية في تشيلي، كان بتاريخ 20 أغسطس 1920، أي أكثر من ربع قرن كامل على تاريخ التقسيم.
وهو رد ساخر على واحدة من أكبر أكاذيب آلة الدعاية الصهيونية “شعب بلا أرض وأرض بلا شعب”، بل كانت أرضا بشعب وصل إلى كل بقاع الأرض وهو يحمل وطنه في قلبه قبل أن يُلعن العالم بالدولة الصهيونية.
وأيضا يأتي تأسسيه من الجالية الفلسطينية وأغلبية من أصحاب الديانة المسيحية المهاجرين من بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور إلى أمريكا الجنوبية والذين حملوا فلسطين في قلوبهم وأسسوا ناديا باسم الوطن الأم، في البداية كحنين ثم حلموا القضية بإخلاص من بعدها فور ظهورها.
وامتدت القضية في الوطن الأم إلى الآن، وكذا ظل الحمل على أكتاف حاملي هم القضية في الداخل والخارج من كل شعب فلسطين بلا تفرقة.
بالستينو البطل
كنت طفلا صغيرا أجلس بجوار والدي لمشاهدة التلفاز أسأله عن معنى كأس “الروح الرياضية” الذي يتم إعلانه في كل البطولات العربية، فكان رده أنها وسيلة دائما لرفع الروح المعنوية لمشاركات الفرق الفلسطينية التي تعاني دائما في ظل الاحتلال.
لذا اقتران اسم فلسطين الحبيبة بالبطولة الحقيقية هي أجمل الحكايات حتى ولو كانت على بعد آلاف الكيلومترات عن الوطن الأم.
فريق “بالستينو” فعلها 5 مرات في تشيلي بالفوز، بالدوري مرتين، وكأس تشيلي 3 مرات. فبعد أعوام من اللعب في بطولات الهواة شارك فريق “بالستينو” في الدرجة الأولي وفاز ببطولة الدرجة الأولى 1952 ليتأهل للعب في البطولة الوطنية وهي المستوى الأول في الكرة التشيلية.
ليفوز الفريق بالبطولة الوطنية وهو الدوري الممتاز التشيلي عام 1955 على حساب العملاق التشيلي صاحب الشعبية الأكبر “كولو كولو”.
وفي السبعينات عاد الفريق إلى القمة مجددا بدءا من الفوز بكاس تشيلي عام 1975.
ثم ضم الفريق عام 1977 أسطورة الكرة التشيلية إلياس فيجيروا قادما من عملاق الكرة البرازيلية “انترناسيونال”، وهو اللاعب الذي تم اختياره كأفضل لاعب في أمريكا الجنوبية أعوام 1974 و1975 و1976 رغم مركزه المُعادي للنجومية كوسط مدافع.
بعد أن تولى إدارة نادي “بالستينو” مجموعة من رجال الأعمال من الجيل الثاني الفلسطيني، حيث امتدت الجالية الفلسطينية وتحولت من تجار نسيج ناجحين كما كان جيل الآباء المؤسسين إلى رجال أعمال ورجال برلمان ووزراء، ليصبح للفريق اسم شهرة وهو المليونيرات بالإضافة إلى اسم الشهرة الأقدم الباقي إلى الأبد “Arabes” (العرب).
ومع نواة الفريق الفائز بكأس تشيلي 1975، وبالإضافة إلى إلياس فيجيروا حقق الفريق الكأس مجددا عام 1977، وبطولة الدوري 1978، ضمن سلسلة من 44 مباراة دون هزيمة، وهو رقم صامد للأبد كالألوان الثلاثة الخالدة التي يتشح بها الفريق وأصبحت اسم شهرة ثالث “Tricolores” (ثلاثي الألوان).
فيديو: مشاركة نادي «بالستينيو» في إحدى البطولات
أكثر من مجرد فريق شعب بأكمله
“بالستينو هو فلسطين والعكس صحيح نحن على اهتمام كبير ودائم بالقضية”
هكذا صرح روبرتو بشارة أحد نجوم الفريق السابقين، إشارة إلى الارتباط الكبير بين الفريق والقضية. الأمر ليس مجرد تاريخ قديم بل هو حاضر ومستقبل الفريق.
هذا الارتباط الذي جعل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يمد يده هو وفلسطينيو الداخل إلى النادي عام 2003 والذي كان يعاني شبه الإفلاس ليصل من عرفات رسالة يؤكد فيها أن تلك المؤسسة ستبقى.
وما حدث بعدها في الألفية الجديدة هو اهتمام الداخل الفلسطيني بالنادي حتى أن رعاية الفريق تحولت إلى بنك فلسطين بجانب قيام الفريق التشيلي بإنشاء أكاديميتين إحداهما في رام الله والأخرى في غزة.
هذا بجانب قيام السلطة الفلسطينية بتكليف نيكولا شهوان أحد رجالات نادي “بالستينو” بإدارة المنتخب الفلسطيني، وقام بإحضار العديد من أبناء الجيل الثاني للجالية الفلسطينية هناك لتمثيل المنتخب الفلسطيني، وهو ما حسّن كثيرا من صورة المنتخب الفلسطيني. واستمر هذا النهج في النجاح حتى التأهل للمشاركة في كأس آسيا 2015 بأستراليا.
في عام 2014 اختار فريق “بالستينو” استبدال الرقم 1 على قمصان لاعبيه بخريطة فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وهو ما أثار الجالية اليهودية في تشيلي بسبب تفسيرهم أن الخريطة قبل 48 تعني عدم الاعتراف بحق اليهود في التواجد في فلسطين، وقام أحد رؤساء الأندية التشيلية اليهود بشكوى نادي “بالستينو”، فاضطر بعدها إلى التراجع.
لكن اختفاء الخريطة من ظهر القميص لم يعن نسيان القضية؛ فالعلم الفلسطيني الحاضر في مدرجات الفريق في 2016 في كأس كوبا سود أمريكانا 2016 (البطولة رقم 2 في أمريكا الجنوبية) تم تسجيله كأكبر علم يتم رفعه في تشيلي.
ومع تحقيق كأس تشيلي 2018 والمشاركة في كوبا ليبرتادوريس (البطولة رقم 1 في أمريكا الجنوبية) قام الفريق بالنزول إلى الملعب بالكوفية الفلسطينية.
هذا الارتباط الذي جعل لقاء الفريق أمام “ريفر بلات” يذاع على الشاشات العملاقة في غزة ورام الله وسائر مدن الضفة.
ففلسطين هي البلد الوحيد الذي يمتلك منتخبين وطنيين أحدهما يلعب في آسيا ضد منتخباتها، والآخر يلعب في قارة أمريكا الجنوبية ضد أنديتها.
أبيض وأسود:
نادي “سلوان” المقدسي ونادي “اتحاد أبناء سخنين”.. It is complicated
لو أردت وضع التصنيف الخاص بالألوان لكلا القصتين بالوصف الذي يعجب القارئ، أستطيع بسهولة أن أصف إحدى القصتين بالأبيض وأوصم الأخرى بالأسود.
ولكن صراحة إن كانت النظرة من الخارج تسمح -أحيانا- باتساع الرؤية، فإن في قضية معقدة كفلسطينيي الداخل ومقارنة أحوالهم وأنديتهم بفلسطينيي الضفة أو غزة تكون الرؤية البعيدة أشبه بالعمى.
بصراحة هي تجربة معقدة لدرجة أن الحكم عليها دون أن تعيشها أمر ساذج للغاية.
لذا هنا لا أحكام مجرد حكايات.
نادي سلوان المقدسي صاحب الرداء المقدس
بلدة “سلوان” هي واحدة من أهم نقاط المقاومة في القدس، حيث يخوض 65 ألف من سكان البلدة، الملاصقة للأسوار الجنوبية للأقصى، مواجهات يومية يتم تقديم فيها ضريبة الدم للبقاء على أرض القدس وعدم انتهاء قضية القدس.
لتلك البلدة ناد هو أقدس أندية الضفة الغربية، بعد أن توشح فريقه عام 1965 بألوان العلم الفلسطيني ولم يخلعه أبدا حتى بعد اجتياح إسرائيل للقدس. رغم أننا نتكلم عن زمن تم فيه تجريم حمل العلم الفلسطيني لدرجة أن النساء في فلسطين كن يتحايلن على هذا بنشر الملابس بترتيب ألوان العلم الفلسطيني.
ولم يسلم لاعبو ومسئولو النادي ككل أبناء الشعب الفلسطيني وقت الانتفاضة من دفع ضريبة الدم والسجن، بل ومازال يتم دفعها إلى الآن.
ولكن على صدر أطفال الأكاديمية تتوسط عبارة “عميد القدس”، لتجمع الصورة تاريخا للفخر معلقا على أمل الجيل القادم متمثلا في أطفال فلسطين، أبناء أجمل أسلحتها وهو رحم المرأة الفلسطينية.
نادي اتحاد أبناء سخنين بطل إسرائيل 2004
“يحبون الحياة ويرونه أعظم نادي في الكون”
هكذا تنطق مدرجات نادي “اتحاد سخنين” بالعربية في مباريات الدوري الإسرائيلي الممتاز.
تناول ما يخص العرب داخل الخط الأخضر أمر شديد الصعوبة، فما بالك بنادي توج بطلا لكأس اسرائيل في 2004، وصدّر العديد من اللاعبين للمنتخبات الإسرائيلية كبارا وشبابا؟
ربما أبرزهم كان عباس صوان الذي كان بطلا قوميا في الكرة الإسرائيلية عندما أحرز التعادل القاتل في الوقت الضائع أمام أيرلندا في تصفيات كأس العالم 2006، وهي التصفيات التي كانت إسرائيل فيها قاب قوسين أو أدنى من بلوغ كاس العالم، وربما كادت بصمة عباس صوان أن تكون مفتاح الوصول لكأس العالم بعد 36 عاما من المحاولات الفاشلة.
وإن كان عباس نفسه يرى أن بصمته الأكبر هي الفوز بكأس الدولة لحساب النادي العربي “اتحاد سخنين” ويحكي عنها أنه كان له رونق خاص تفجر معه كبت السنوات في الوطن العربي ككل، ويتذكر بفخر أن كل بلدة مر بها استوقفت الفريق للاحتفال بالرقص وتوزيع الحلويات.
فكما من السهل أن يرى البعض تلك الدرجة من الانزلاق داخل المجتمع الإسرائيلي “خيانة”، لكن يرى آخرون في الوقت نفسه أن النادي يعتبر مدافعا عن الهوية العربية لعرب 48 الذين ما زالوا يشكلون تهديدا ديموجرافيا حقيقيا ليهودية الدولة الإسرائيلية.
المنافسة في الدوري الإسرائيلي في أعلى درجاته لفريق عربي ليست أمرا سهلا، وهو أكثر الفرق التي تكبل جماهيره بالعقوبات على أتفه الأسباب، ومنها مثلا تحيتهم للسياسي عزمي بشارة، أو ردهم على الإساءات المتكررة العدائية من جماهير فرق مثل “بيتار القدس” التي لا تكتفي بسباب الفريق ولاعبيه، بل يطال الأمر هوية الفريق العربية والإسلامية. وهنا كانت العقوبة بإبعادهم عن ملعبهم لمدة عام، وهو الملعب الذي أنشأته الحكومة القطرية لصالح النادي.
وكما صدّر النادي أكثر من لاعب للمنتخبات الإسرائيلية، فهو دائم التصدير للعديد من اللاعبين العرب الذين يختارون تمثيل المنتخب الفلسطيني.
“أنا وأنت لن نستطيع أن نفهم كل تلك التعقيدات في أن تعيش بهوية عربية داخل إسرائيل”.
فقط سأحكي لك حكاية أنا شخصيا لا أفهمها حدثت عام 2020 عن جندي في الجيش الإسرائيلي تم طرده لأنه رفع علم فلسطين داخل كتيبته، وقام بنشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع انتشار المقطع تم التحقيق فيه وطرد كل المشاركين فيه من الجيش الإسرائيلي.
فيديو: جندي في الجيش الإسرائيلي يرفع علم فلسطين داخل كتيبته
هذه حكاية لا أفهمها ولكن سردها يأتي للتأكيد أن الأمر غير قابل للفهم من الخارج ولا يستطيع أن يراه إلا أهله.
أحمر:
أيلول الأسود وميونخ 1972.. لا تسمعوا الحكاية من وجهة نظر عُشب الأرض
“ألوان العلم لا تكتمل إلا بالأحمر وهو الذي يمزج الثورة بالدم”
الدم الذي لا يغادر القضية مسفوكا في أغلب الأوقات من دماء أكثر من مائة ألف فلسطيني منذ النكبة، ومن عشرات ومئات الإسرائيليين في أوقات قليلة يفيض فيها الكيل ويتصاعد فيها العنف الثوري.
ربما لم ترتبط القضية الفلسطينية بأعنف الأعمال الثورية الدموية في لحظة كما ارتبطت بدورة الألعاب الأولمبية في ميونخ عام 1972، وهي الأحداث التي احتجز فيها فدائيون من منظمة “أيلول الأسود” الفلسطينية رياضيين إسرائيليين في القرية الأولميبية في ميونخ.
من أجل مطالب بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين داخل إسرائيل بجانب مناضلين يساريين مناصرين للقضية الفلسطينية، الثنائي الألماني الشهير بادر ومينهوف الذي تم تسمية منظمتهم اليسارية باسمهما والمسجونين في ألمانيا، والياباني أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني المسجون في إسرائيل بعد مشاركته في عملية مطار اللد.
وانتهت القصة بمقتل 11 إسرائيليا، اثنان داخل القرية الأوليمبية، و9 آخرون في المطار أثناء المحاولة الفاشلة لتحرير الرهائن من قبل الشرطة الألمانية، بجانب مقتل 5 من منفذي العملية، والقبض على ثلاثة آخرين تم إطلاق سراحهم فيما بعد بالطريقة المعهودة في سبعينات القرن الماضي بخطف طائرة والتفاوض.
الواقعة على الشاشة
الواقعة كاملة تم توثيقها في مئات المقالات التي أدانت الواقعة بالطبع، وكذا في فيلم سبيلبرج الشهير “ميونخ “عن الحادثة، ووثقت الانتقام الإسرائيلي الذي أُطلق عليه “غضب الرب”، وطال الانتقام كل المشاركين والمنفذين للعملية عدا أمين الهندي الذي توفي عام 2010 في مركز الملك حسين الطبي في عمّان.
لكن الجانب الآخر من القصة الطويلة أنها لم تبدأ في ميونخ، بل ربما كانت البداية منذ اللحظة الأولى لسرقة الوطن فلسطين.
ولكن حتى البداية الأقرب للقصة لا تروى ولا تُوثق وهي أن الغطرسة الإسرائيلية كانت تستعد لدفن القضية الفلسطينية كليا بعد حرب 67 وضم القدس والضفة وقطاع غزة، وغض العالم الطرف عن كل هذا وتصدرت الصورة الأيقونية للمظليين الثلاثة وهم ينظرون بشغف إلى حائط المبكى كل مجلات العالم كصورة عن الحرب التي تم فيها ابتلاع فلسطين كلها.
بل إن حتى هجمات المقاومة من الأردن تم إخمادها بعد وقائع أيلول الأسود وطرد المقاومة الفلسطينية إلى لبنان. والعالم لم يكن يعترف بأي منظمة أو كيان فلسطيني للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، بل ان طلب مشاركة وفد فلسطيني في دور الألعاب الأولمبية ميونخ 1972 التي شهدت الأحداث تم رفضه.
العالم هنا كان قد أدار ظهره بالكامل لفلسطين وشعبها.
وهنا كان الانقسام ضروريا، وظهرت منظمة “أيلول الأسود” لتكون ذراعا ثوريا يسهل التبرؤ منه ومن أفعاله من أجل اكتساب اعتراف لكيان أكثر اتزانا وهو منظمة التحرير الفلسطينية.
وباغتيال غسان كنفاني من قبل الموساد كانت الرسالة واضحة بأن كل مسئولي منظمة التحرير، سياسيين أو فدائيين مهددون، لذا كانت حتمية الرد وإيصال رسالة بقدرة المنظمة أيضا على الوصول والإيلام.
العنف الثوري
العنف الثوري تعرفه كل حركات التحرر، وإن حدث خلاف على استهداف الرياضيين الإسرائيليين بين رجال المنظمة، لكن الرفض الألماني لوجود وفد فلسطيني في دورة الألعاب الأولمبية ذاتها، بجانب انتصار الفرضية بأن المشاركين من الرياضيين الإسرائيليين من رياضات النزال كالمصارعة والجودو ورفع الاثقال وهم المكون الغالب على الوفد الإسرائيلي، هم جنود وضباط في جيش الاحتلال، يغير الأمر بعض الشيء.
فقد ساعدت عملية ميونخ 1972 في عودة القضية الفلسطينية إلى الصدارة من جديد، بل وبحثت الأطراف الأخرى عن طرف يستطيعون التفاوض معه لإيقاف العنف، وتم إعطاء صفة المراقب في الأمم المتحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية بعدها بعامين، وهي المرة الأولى التي تنال فيها حركة تحرر وطني تلك الصفة.
وكما قيل من قبل:
“إن بدأنا نحكي الحكايات من وجهة نظر عُشب الأرض، فسيكون الحَمَل شرّ خلق الله، بينما الذئب رسول العناية الإلهية”، فرجاء لا تسمعوا الحكايات من وجهة نظر عُشب الأرض فقط.