في المقال السابق تعمدت ذكر أمثلة لأسماء أصولها غير مصرية، لأن أحد معالم هذه الصورة الذهنية لمصر أنها تحتوي وتقوم بتمصير من يأتيها، وتمنحه ما لن يجده في سواها، حتى في بلده الأصلي، فتعيد تشكيله، حتى أنك تجد في كثير من أفلام الأبيض والأسود التأكيد على فكرة “الكل في واحد، والواحد للكل”؛ الكل هم العرب، والواحد هي مصر، كلهم في مصر، وهي لهم جميعًا، نسمعها على لسان أبطال العمل، أو في أوبريت غنائي يمجد الفكرة.
وهذا لا يعني أن المجتمع عاش بلا مشاكل، بالعكس، كانت لديه معضلات كبرى، لكنه كان يراها، ويدرسها، ويسمح له بالتعبير عنها،الأفلام والروايات والمقالات والمسلسلات تطرح هذه المشاكل، وتطرح ما تراه من حلول، لكنك لن ترى نموذجًا لبطل يدعو إلى ما هو ضد الأخلاق السامية، ولن تجد تصويرًا يمجد التافهين ، ويرفع من قدر التصرفات غير الأخلاقية، بل ستجد إدانة صريحة؛ فجة فنيًا، أو إدانة بفنية وحرفية عالية.
فماهي الصور الذهنية التي نصدرها الآن في الفن والأدب والدين والسياسة، والعلم، والثقافة، والجامعة؟
هل تؤمن بفكر المؤامرة؟ أنا أؤمن به إلى حد كبير، لكنها ليست فقط المؤامرة الخارجية فقط، بل المؤامرة الداخلية التي ننصب شباكها لأنفسنا فنقع فيها سواء بجهل، أو عمد، أو غباء، أو إعلاء للمصلحة الشخصية.
لابد هنا من توضيح؛ فلا أؤمن بفكرة الزمن الجميل الذي مضى، كل زمن له مشاكله وعيوبه، لكن يبدو أنه كلما ضاقت الأمور بالناس شعروا بالحنين للماضي الذي يعتقدون أنه أجمل لأنهم لم يعيشوا مشاكله ومآسيه، أو لأنهم يقارنون أحوالهم به فيجدونها في الوضع الأسوأ، أؤمن بأن الزمن الجميل هو الآن وغدًا إن أردنا ذلك.
لذلك؛ نادي معي بأعلى صوت باتجاه المستقبل: يااااا مصري!
وهيا نجده، ونعيده، بداخل كل منا أولًا، ثم فيما حولنا.
لقراءة الجزء الأول من المقال اضغط هنا 👇