لا أتذكر متى قرأت كتاب “تاكسي” بالضبط، لكنه يُعد من أوائل الكتب التي اقتنيتها خلال دراستي الجامعية بين عامي 2007 و2011.
عندما اقتنيتُ الكتاب وبدأت في تصفحه، صُدمتُ؛ فقد كان لسان سائقي التاكسي عامرًا بأقذع الشتائم والألفاظ. كنت حينها في عامي الثاني بالجامعة، لم أتجاوز التاسعة عشرة من عمري، فتاة قادمة من مدينة صغيرة لم تسمع في طرقاتها سوى شتائم بسيطة. لكن الكتاب قدّم لي طبقًا مليئًا بصنوف متنوعة من السباب.
ومن المضحك أنني كنت أخاف ركوب التاكسي آنذاك، أولًا بسبب تحذيرات أمي، وثانيًا بسبب إحدى رسائل بريد الجمعة لعبد الوهاب مطاوع، حيث حكت فتاة -على ما أتذكر- عن سائق تاكسي تحرّش بها. كنت أستقي معرفتي بالقاهرة قبل الجامعة من التلفزيون والقراءة فقط.
الصحفية المصرية رنا الجميعي
بسبب هذه الصدمة، تأخرت في قراءة الكتاب. لكن حين فتحته مرة أخرى، انجذبتُ تمامًا منذ القصص الأولى. لم أستطع إيقاف نفسي، فقرأته بشراهة، قصة تلو الأخرى. كانت حكايات سائقي التاكسي أشبه بتحليل اجتماعي دقيق لمصر في تلك الفترة المشحونة بالغضب واليأس. كنتُ طالبة إعلام شغوفة بفهم ما يحدث في البلاد.
كانت مصر آنذاك على صفيح ساخن، ونحن الشباب في فورة حماسٍ للتعبير عن آرائنا. الجميع كان يتحدث: في برامج التوك شو، في المظاهرات، داخل المحاكم وأقسام الشرطة. أما نحن طلبة الإعلام، فكنا نصرخ بأفكارنا على سلم الكلية، وفي أروقة قسم الصحافة، وأمام عميدتنا آنذاك، الدكتورة ليلى عبد المجيد.
الكاتب المصري خالد الخميسي
قرأت الكتاب مرة واحدة فقط، لكن تأثيره بقي فيّ حتى اليوم. ساهم بشكل كبير في تشكيل جزء من شخصيتي. أعتقد أن نشرَه في ديسمبر 2007 كان توقيتًا مثاليًا. “تاكسي” كان مرآةً لمصر في تلك المرحلة: تزوير انتخابات 2005 بلغ ذروته، وكان هذا الدافع الرئيسي لخالد الخميسي ليصرخ:
“هذا هو صوت المصريين الحقيقي!”.
ما كنتُ لأكتب مقدمة ذاتية في حواري مع الخميسي لولا إصراره على ذلك. خلال نقاشنا عبر “زووم”، قال لي:”هي دي الصحافة الحقيقية”.كانت تلك المرة الأولى التي أتحدث فيها عن علاقتي الشخصية بكتاب أثناء حوار صحفي.
يمكنكم غدا متابعة الجزء الثاني من الحوار مع الكاتب المصري خالد الخميسي.