أحدث الحكايا

ابتسام أبو الدهب تحكي: حكاية المكتشف المجهول لـ”الكلر كانيون” بسيناء

أقرأ كثيرا عن “الأخدود الملون” أو “الكلر كانيون” أو ما يُعرف بـ “Colored Canyon” في جنوب سيناء.. أشاهد صوره على مواقع الإنترنت، واستمع إلى تجارب زواره. مزار عالمي، يعد أحد عجائب الطبيعة في سيناء، واد ضيق به نفق عبارة عن صدع في الجبل يتميز بتعرجاته وصخوره الملونة على شكل منحدرات تشبه مجرى نهر جاف، ويبلغ طوله حوالي 800 متر.

تشكل هذا الوادي بفعل مياه الأمطار والسيول الشتوية وعروق الأملاح المعدنية، التي حُفرت لها قنوات وسط الجبال بعد أن ظلت تتدفق لمئات السنين. واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه وعروق الأملاح المعدنية، التي ترسم خطوطا على أحجاره الرملية والجيرية، وتضفي عليها ألوانا قرمزية وبرتقالية وفضية وذهبية وأرجوانية وحمراء وصفراء.

يعرفه معظم زوار سيناء، خاصة مدينتي نويبع ودهب، ولكن لا أحد يعرف من الذي اكتشفه. 

حكاية الاكتشاف

تبدأ حكايتنا في جنوب سيناء، في أحد أيام عام 1970. 

كانت السماء صافية والسكون يغلب على المكان، وحرارة الجو معتدلة تنذر بيوم رائق وهادئ، بين جبال مدينة نويبع.  

قرر الشيخ أسليم بن جازي، أحد أبرز أفراد قبيلة الترابين أن يستغل ذلك الجو المثالي هذا اليوم، ويسلك طريقا جديدا أثناء سيره بين الأودية والجبال. لم يكن يدرك حينها أن القدر سيمنحه بعد ساعات قليلة من هذا القرار، هبة ستكتب اسمه في تاريخ الاكتشافات بجنوب سيناء. 

أثناء سيره وصل الشيخ أسليم قمة جبلية، وواصل سيره إلى الأسفل باتجاه الوادي، وسلك طريقا متعرجا يمتد في أعماق الجبل وظل يمشي قرابة ساعة ونصف حتى بلغ منتصف الجبل ونهاية الوادي الضيق. بهرته ألوان ذلك الطريق؛ متاهة صخرية ملونة بالأحمر والقرمزي والبرتقالي والأرجواني والذهبي والأزرق والبني. ظل يتتبع تلك التكوينات الصخرية الملونة والأشكال الخلابة المرسومة بفعل الطبيعة على الصخور حوله والتي تشبه النهر الجاف، وكأنه يسير في عالم سحري ملون، حتى انتهى الطريق، إلى طريق آخر مختلف.

كان ذلك الاكتشاف السعيد خاص بالشيخ أسليم، يحكي عنه لأهل قبيلته ويصطحبهم ليشاهدوه ويُعرّفهم به، ثم أصبح يرشد الزوار إليه ويشاركهم كشفه، إلى أن أطلق عليه أحد الزوار الأجانب “الكالرد كانيون” بمعنى الوادي الملون، حتى عُرف مع الوقت بهذا الاسم وأصبح واحدا من أبرز وأهم المزارات السياحية في محافظة جنوب سيناء.

أودية ملونة أخرى

تلك الحكاية رواها لي حميد بن سالم بن جازي الترباني، حفيد الشيخ أسليم بن جازي، مكتشف الكالرد كانيون، والذي يعد أول شخص يكتشف الأودية الملونة في صحراء سيناء، حيث تم اكتشاف عدة أودية بعد ذلك البعض يطلق عليها مجازا باسم “الكالرد كانيون” ولكنها أقصر وأقل ألوانا من الوادي الرئيسي، بل هناك منها ما هو بدون ألوان مثل الوادي الذي يطلق عليه “الوايت كانيون” أو الوادي الأبيض، وأحيانا كثيرة يحدث خلط بين الوادي الملون الرئيسي والأودية الأخرى مثل كانيون سلامة وغيره.

عن ابتسام أبو الدهب

كاتبة صحفية، تخرجت من قسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة عام 2015، وتستكمل الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير بنفس القسم. تعمل في الصحافة منذ عام 2011، في عدد من الصحف المصرية والمواقع العربية، ترأست قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة القاهرة عام 2022. وتعمل حاليا بمجلة البيت الصادرة عن مؤسسة الأهرام، ومُعدة بقناة الحياة، كما تعمل كمدربة للأطفال بمشروع "أهل مصر" منذ عام 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *