أحدث الحكايا

اليوم العالمي للترجمة..عشق الكلمة على امتداد العمر

في الكلمة اليونانية الفيلولوجيا يكمن السر، فهي تعني “عشق الكلمة”، وهي العلم الذي يجمع بين دراسة النصوص، وفهم التاريخ، وتأمل الفكر الإنساني عبر لغاته المتعددة. وهو العلم الذي اخترته ليصبح إطارًا معرفيا يتوج رحلتي بعد أن قضيت من حياتي وقتا كافيا مع علوم اللسانيات التي منحتني الكثير. ومن هذا الجذر العميق تنبثق الترجمة، لا كعملية آلية لنقل المعاني، بل كفنّ إنساني وجمالي يتجاوز الحواجز ليعيد تشكيل النص بروح جديدة.

 

 

 

 

في اليوم العالمي للترجمة ، أحتفل باثنين وثلاثين عاماً مع الحروف، لم أرَ فيها الترجمة مسارًا مهنيًا تقليديا عابرًا ، بل أسلوب حياة، وشغفاً متجدداً، وتجربة فيلولوجية  وفنية شديدة الخصوصية تنفتح على ثقافات العالم. المترجم عندي ليس مجرد ناقل للمعنى، بل أشبه بساعي بريد حضاري. فكما قال جوته: «المترجمون هم سعاة البريد العظماء للحضارة». فكل نص يُترجَم بإخلاص يصبح رسالة تصل إلى قارئ مجهول في مكان ما، وتترك ابتسامة امتنان تنسي المترجم عناء الطريق. لقد تعلمت عبر العقود لغات عدة: الفرنسية والإنجليزية والروسية واللاتينية والألمانية والبلغارية والإسبانية والإيطالية. بعضها ابتعد عن الذاكرة، لكنه ترك بصمته، فصار أفقاً جديداً للفهم وأداة أعمق لتذوق النصوص. ورغم هذا المشوار الطويل، ما زلت أشعر أنني تلميذ صغير في مدرسة الكلمات، يفتّش دوماً عن سبل للتطوير.

 

 

 

كما تعلمت كذلك أن الترجمة لا تحتمل الكذب ولا الادعاء؛ فإن لم تصدر من القلب فلن تبلغ القلوب. وكما قال فيتّوريو بوديني: «الترجمة ليست نسخة من النص الأصلي، بل هي عمل آخر يوازيه». في هذا اليوم، أحيّي كل مترجم جعل من الترجمة رسالة، ومن الكلمات جسوراً بين الثقافات، ومن المعنى حياة تتجدّد مع كل نص يرى النور.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *