«في نهاية الزمان»..عن هؤلاء الذين لا يُنصفهم الزمان!

في مساءٍ خريفيٍّ هادئٍ تطغى عليه رائحةُ القهوة والورق، امتلأت قاعة ديوان الزمالك بجمهورٍ جاء ليستمع إلى حكاية جديدة من حكايات الكاتب عادل عصمت، بمناسبة مناقشة وتوقيع روايته «في نهاية الزمان».

 

أخذنا الناقد محمود عبد الشكور في رحلةٍ داخل القرية التي صنعها عصمت في روايته. الكاتب لم يكتب عن قريةٍ عادية، بل عن مصر كلّها في صورة قريةٍ اسمها «نُخطاي»؛ تمثِّل سواد المصريين الأعظم: أولئك الذين ينتصرون بقدرتهم على البقاء أحياء، وتُعيد الاعتبار لمن يموتون في صمتٍ، فلا يجدون مَن يُصلِّي عليهم بعد الرحيل.

 

 

ثم جاء دور عادل عصمت، بابتسامته الهادئة ولهجته الواثقة، ليتحدث عن زمنٍ لا ينتهي، وعن الكتابة كصلاةٍ سرية، وعن المصريين الذين يروِّضون الحياة كما يروِّض الفلاح أرضه. قال:

 «أنا أكتب الروايات كما يزرع الفلاح بذرة؛ أتركها تنمو ببطء حتى تنضج».

 

تحدّث عصمت عن قرية «نخطاي» التي جعلها مرآةً لمصر، وعن أبطالٍ بلا بطولة فردية، لأن البطولة في روايته جماعية — كلُّ فصلٍ بطل، وكلُّ تفصيلةٍ حياةٌ قائمة بذاتها.

 

وفي حديثه، أشار عصمت إلى أعظم ميزة لدى المصريين، وهي قدرتهم على تجاوز تاريخٍ طويل من القهر والمجاعات والكوارث الطبيعية بالضحك! فالضحك سلاحُنا.

 

 

ابتسم البعض حين تحدّث عن الحيلة المصرية في مواجهة القدَر، وكأنهم يعرفون تمامًا مَن يتحدّث عنهم.

بين الكلمات، كان الحضور صامتين كأننا نستمع إلى حكايةٍ تُروى لأول مرة. بدا أن عنوان الرواية لا يتحدث عن نهاية العالم، بل عن كل نهايةٍ صغيرة نعيشها ثم نقوم بعدها من جديد.

 

 

 خرجنا من الندوة  نحمل سؤال الكاتب معنا: لماذا لا يُنصف الزمان هؤلاء البشر؟

 

ربما كانت الإجابة في تلك الابتسامة المصرية القديمة التي لا تزال تقاوِم الزمن… ابتسامة الذين لا يملّون من الحكي، ويواجهون قسوة الحياة بالضحك والإيمان. يشبهون مصر نفسها: لا تموت… لكنها تُعيد خلق ذاتها في كل زمن.

 

 

عن ابتسام أبو الدهب

كاتبة صحفية، تخرجت من قسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة عام 2015، وتستكمل الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير بنفس القسم. تعمل في الصحافة منذ عام 2011، في عدد من الصحف المصرية والمواقع العربية، ترأست قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة القاهرة عام 2022. وتعمل حاليا بمجلة البيت الصادرة عن مؤسسة الأهرام، ومُعدة بقناة الحياة، كما تعمل كمدربة للأطفال بمشروع "أهل مصر" منذ عام 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *