في عام 1906، بدأت شركة الدلتا التفكير في إنشاء حي جديد بالمعادي على الطراز الأوروبي، ووصفته جريدة المقطم عام 1910 بأنه يضم مباني إنجليزية الطراز، وشوارع نظيفة وحدائق بديعة.
لكن التغيير الأبرز في قاهرة المعز جاء مع دخول الترام، الذي أحدث ثورة في نمط الحياة، وفقًا لمحمد سيد كيلاني. فقد كسر الترام العزلة بين الأحياء، وفتح الباب لعصر اجتماعي جديد، تفككت فيه روابط العائلة، وأصبحت المعرفة بالأخبار أوسع من نطاق الجيرة.
رأت الصحف في الترام مساحة جديدة لاختلاط النساء والرجال، وذكرت “المؤيد” حوادث أخلاقية وانتشار القمار، حتى كتب شوقي:
“ذهب النقد والعقار جميعا / يا سراة البلاد أين العقول؟”
وهاجم المنفلوطي “شباب العصر الترامي” لانغماسهم في الشهوات.
مصطفى لطفي المنفلوطي
بالمقابل، سهّل الترام تجمع الكُتّاب في مقاهي الأزبكية، وانتعشت التجارة في العتبة والموسكي، وازدهرت الإعلانات، منها إعلان عن “مبردات مرشحة بمرشحات باستور”.
ساهم الترام أيضًا في بروز الرأي العام، كما في التفاعل مع مشروع سكة حديد الحجاز. وتكاثرت الجمعيات والمدارس الليلية، وازداد الإقبال على التعليم، مما دفع الأزهر عام 1897 لإدخال الرياضيات والجغرافيا في مناهجه.
خط حديد الحجاز
كما أنعش الترام الحركة الفنية، فازدهر المسرح بظهور دور عرض جديدة، مثل مسرح أبي خليل القباني، وسلامة حجازي، وإسكندر فرح، وشهدت تلك المرحلة ترجمة وتأليف العديد من المسرحيات، إلى جانب جدل نقدي واسع حولها.