عدت إلى الكتابة الإذاعية بإلحاح من صديقي المخرج محمد خالد وحدثني عن حلمه في إخراج مائة عام من العزلة. شعرت بصدمة، من يستطيع أن يحول هذا العمل الضخم المليء بالشخصيات والتفاصيل والأفكار والسحر والغموض إلى دراما يستوعبها المستمع.
كان علي أن أتحدى نفسي بكتابة هذا العمل، وأتخلص من بعض الحكايات الفرعية، وأركز على الخط الرئيس في الرواية، الخط الذي رأيته يقدم ماكوندو كنموذج لتطور العالم منذ ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، مع المحافظة على ما في العمل من خيال جامح، ومتعة فكرية وفنية، وهو ما استلزم مني كتابة العمل كاملًا، الثلاثين حلقة، خمس مرات، حتى أصل إلى درجة معقولة من الرضا عنها، حتى أن ابنتي نجوى نشرت صورة ماركيز مخرجًا لسانه على صفحتها على الفيس بوك وكتبت تحتها (ده اللي مطلع عنينا حاليًا) فقد أعلنتُ حالة الطوارئ القصوى في بيتي لأسابيع من أجل ماركيز و مائة عام من العزلة.
لا أظن أن تأثير أدب ماركيز سينتهي، لكن ما سيبقى أكثر تأثيراً هو التجربة التي أنتجت هذا الأدب، وهي التجربة التي تحتاج إلى دراسة مستفيضة يستحقها ماركيز بالطبع، والأهم اكتشاف الإمكانات الكبيرة والعميقة للغاية في تجربتنا المصرية بكل طبقاتها التاريخية من موروث شعبي ورسمي وعقائدي ينتج الواقعية المصرية التي أرى أنها قادرة على تقديم أدب مفارق لو توفر لها من يدرسها بعناية ويقدم إبداعه من خلالها.
ويمكنكم متابعة الأجزاء السابقة من هذا المقال عبر الروابط التالية 👇🏻
عن ماركيز الذي أعلن الطوارئ في بيتي!
عن ماركيز الذي أعلن الطواريء في بيتي (٢)