تُتهم السينما الترفيهية بأنها وسيلة اغتراب، تلهي الجمهور عن مشكلات المجتمع، بعوالمها المصطنعة من القصور والمطربين والراقصات. لكنها رغم ذلك، نجحت في نقل قيم الهوية والدين واللغة، وأثارت قلق سلطات الاحتلال في دول عربية وأفريقية، إذ قدمت بديلًا للنموذج الغربي. ففي تقرير سري عام 1957، عبّر مسؤولون فرنسيون في مدينة “جاو” بمالي عن قلقهم من الأفلام المصرية “التي تسحر الجمهور وتمجّد مصر العظمى”.
قدّمت السينما المصرية نموذجًا معاصرًا للهوية العربية، جذب الجاليات العربية في السنغال وغينيا، مثل فيلم “فاطمة وماريكا وراشيل” (1949). وتُظهر مذكرات الأديبة السنغالية نفيسة ديالو كيف كانت العروض تُقابل بحماس كبير، رغم قدمها. وعند عرض “ظهور الإسلام” (1951) بدا الحماس الشعبي واضحًا في ترديد “الله أكبر” أثناء المشاهدة.
مع ثورة 1952، سعى نظام عبد الناصر لبناء مشروع فني قومي يوحّد الأمة العربية، وغنّى عبد الحليم للحلم والوطن، وساهم “صوت العرب” في نشر رسائل الفن الملتزم. وتحوّلت السينما تدريجيًا من الكوميديا الغنائية إلى الواقعية الاجتماعية، مدعومة بالقطاع العام السينمائي منذ 1963. ورغم تراجع التوزيع العربي بسبب الخوف من تصدير الفكر الثوري، حققت السينما نجاحات دولية، مثل مشاركة “الحرام” في “كان” و”شيء من الخوف” في موسكو.
لكن بعد نكسة 1967، تغيرت السينما المصرية، فتراجعت الأحلام وبدأت الأسئلة، وظهرت سينمات قومية في بلدان عربية أخرى. ومع ذلك، ظلت السينما المصرية، بتنوعها وعبقريتها الفنية، واحدة من أعمدة التراث السينمائي العالمي، من خلال نحو 4000 فيلم روائي طويل.
ويمكنكم قراءة الأجزاء السابقة عبر الروابط التالية 👇🏻
السينما المصرية خارج الحدود (٣) (1930 – 1970)
السينما المصرية خارج الحدود (٤) (1930 – 1970)
السينما المصرية خارج الحدود (1930 – 1970)
حكاية السينما المصرية خارج الحدود