بين النكبة والنكسة، تشكّلت رواية “صلاة القلق” -ثالث أعمال ندا- كجرس إنذار قرعه الكاتب غير آبه بما إذا كان أحد سيسمعه أم لا، لكنه هذه المرة سمع صوته الوطن العربي كله. لم يتوقع ندا أن تصل روايته إلى القائمة الطويلة للبوكر، فيقول:
“لم أكن أرغب في ترشيحها، لكن الناشر شوقي العنيزي أصر على ترشيحها، ليست قلة ثقة في الرواية، بل لأنني أرى أن الجوائز عادة لا تفضل الروايات الصبغة السياسية”.
تعود فكرة رواية “صلاة القلق” إلى عام 2017، عندما تحول الزجل الذي كتبه عن حرب وهمية لا تنتهي إلى فكرة رواية تتطور تدريجيًا. بدأت بنوفيلا قوامها 110 صفحة، تحكيها الغجرية “شواهي” التي تحكي مأساة أهل نجع “المناسي”، وبعد وقت توسعت النوفيلا، وتحولت إلى رواية تتجاوز الـ300 صفحة، حين امتلكت الشخصيات المتناثرة على لسان شواهي؛ نوح النحال ومحروس الدباغ ووداد الداية والشيخ أيوب وآخرون، ناصية الحديث.
في إطار فانتازي، طرح ندا سؤاله الافتراضي: ماذا لو امتدت الأيام الثلاثة الأولى للنكسة إلى عشر سنوات؟ هذا السؤال الرئيسي كان المحور الذي دارت حوله أحداث الرواية “عرفنا جميعًا بعد النكسة أن الإذاعي أحمد سعيد كان يذيع بيانات عسكرية عن انتصارات وهمية، فماذا لو صدّق أهالي نجع المناسي أننا انتصرنا حقًا؟”، من خلال هذا السيناريو حاول ندا تفكيك مفهوم الأنظمة الديكتاتورية أحادية الصوت وزمن الشعارات البراقة.
الرواية ليست إسقاطًا على مصر وحدها، بل على العالم العربي بأكمله، كما يوضح ندا، فقد تأثر الكاتب بصورة “الأخ الكبير” الذي نسجها الروائي البريطاني “جورج أورويل” في روايته “1948”، “تاريخ ذائف”.. هكذا يصف ندا روايته، التي تطرح سؤالًا افتراضيًا، ليكتب عن نزيف مستمر وشرخ متصدع.
“لم أكن استشرف الحاضر، أنهيت الرواية قبل عام ونصف من الحرب التي بدأت رحاها في أكتوبر 2023، النكبة هي جرحنا النازف، وما النكسة إلا صدع في الجدار الرئيسي وهي احتلال فلسطين”.
رغم تركيز الرواية على النكسة، إلا أن النكبة تظل في صلب العمل من خلال شخصية زكريا النساج الفلسطيني المتأثر بالنكبة وتوابعها.وظّف ندا في روايته صوت عبد الحليم الذي تربى عليه هو نفسه “لأنه صوت مرحلة التمجيد للعروبة”، فيما ينتهي زمن الرواية عام 1977، وهو العام نفسه الذي رحل فيه عبد الحليم.
تابعونا يوم الأحد في الحلقة الثالثة والأخيرة من حوار مطول مع الكاتب المصري محمد سمير ندا الفائز بجائزة البوكر العربية لعام ٢٠٢٥.
وللحلقة الأولى اضغط هنا👇
محمد سمير ندا: النكبة فعل مضارع مستمر وفوز “صلاة القلق” انتصار لحرية التعبير