أحدث الحكايا
ماركيز

مصطفى رحمة يحكي: ماركيز الساحر.. ما أروع أن تقرأه بالمقلوب!

الذي يدعي كذباً وكان يفشُر علينا وهو يروي لنا وصدّقناه، فما أروعه هذا الكذوب! فليس أجمل من ماركيز والأدب حتى ننسى واقعا مزريا وسخيفا وأخبارا لا تسرّ.

اخترت لكم هذه النصوص من بين قصص كتبها، ولأني أثق في ذائقتي وبعدما استمتعت بها للمرّة الكم، لا أدري! 

قلت أشرك معي البعض ممن لديهم ذائقة ولم يقرأها أو قرأها وطواها النسيان.

بالبيضة والحجر

بالفعل ماركيز كما السحرة هؤلاء ممن يلعبون بالبيضة والحجر، أو الثلاث ورقات، ممن يوهمونك بمكسب يتبدد بيديك فور مغادرتك خيمته في السيرك أو بأماكنهم على الأرصفة، يخدعك ولا تفارقك ابتسامتك، كذوب (وفشّار) ونصدقه فليس أجمل من قصصه سردياته حتى تحت أي مسمّى.

تبدو قصصه الأولى متأثرة بالجو الذي خلقه كافكا في السرد الحديث، ثم يختط ماركيز لنفسه عالمه الإبداعي في القصص اللاحقة أو ما سيسمى بالواقعية السحرية. وفي الجزء الأخير والأحدث من منجز ماركيز، يبدو التوازن والتزاوج بين البدايات بأسئلتها المفتوحة والسوريالية ومرحلة الذروة بواقعيتها السحرية.. اقتراحي الوحيد أن يقرأ الكتاب من نهايته ليكون أكثر امتاعا وجذبا للقارئ.

حزينة ومضحكة

هذه قصة حزينة ومضحكة لشخص مكتئب انتحر بالقفز من الطابق العاشر باتجاه الشارع، وفي طريق سقوطهِ، رأى من خلال النوافذ تبادلات حميمية لجيرانهِ ومآسٍ عائلية داخلية وعشاق في السر ولحظات سعيدة قصيرة لم تخرج يومًا خارج عتبة منازلهم، وبحلول اللحظة التي ارتطم فيها جسده بالرصيف، كان قد غيّر رأيه تمامًا وقرّر أن الحياة التي كان يحاول دائمًا الدخول إليها عبر باب خاطئ، تستحق العيش بعد كل شيء!

القصص القصيرة لماركيز

 

موت خوسيه مونتييل

“حين مات خوسيه مونتييل، أحس الجميع أنهم ثأروا لأنفسهم، باستثناء أرملته، غير أن الأمر تطلب عدة ساعات كي يصدق الجميع أنه مات حقاً. وظل الشك يخامر كثيرين بعد رؤية الجثة المسجّاة، محشور بين وسائد وملاءات كتانية في تابوت أصفر مدبب الطرفين كأنه ثمرة شمام. كانت ذقنه حليقة، وكان يرتدي بدلة بيضاء، وينتعل جزمة من جلد لامع، وكان وجهه في حالة جيدة لم يبدُ معها أنه أكثر حياة في أي وقت مما هو عليه في تلك اللحظة. باستثناء أنه كان يمسك بيديه صليبا بدل مقرعة الحصان. وكان لا بد من تثبيت غطاء التابوت بالبراغي، وإدخاله في كوّة في المدفن العائلي الفاخر، كي تقتنع القرية بأسرها أنه لم يكن يتظاهر بالموت.”

توصيف أعجبني من إحدى قصصه القصيرة.

لنهزم الطبيعة

وهنا نص آخر بديع:

“بدأ السيناتور قوله: إننا هنا لنهزم الطبيعة. ولن نكون بعد اليوم لقطاء الوطن، ولا أيتام الرب في مملكة العطش والقسوة، ولا منفيين في أرضنا. سنكون آخرين، أيها السيدات والسادة، سنكون عظماء وسعداء.

وبينما هو يتحدث كان مساعدوه يلقون في الفضاء حفنة عصافير ورقية، وتكتسب هذه الحيوانات المزيفة حياة، تحوم حول المنصة الخشبية، وفي الوقت نفسه كان آخرون يُخرجون من الشاحنات أشجاراً مسرحية أوراقها من اللبلد ويغرسونها خلف الجمهور في أرض ملح. وفي النهاية ينصبون مجسمات كرتونية لبيوت من قرميد أحمر ونوافذ زجاجية، أخفوا وراءها الحياة الواقعية البائسة.

أطال السيناتور خطبته، بفقرتين باللاتينية، ليتيح الوقت لإنجاز المهزلة ثم وعد جمهوره بآلات المطر، ومداجن نقالة تنتج دواجن المائدة، وزيت سعادة يجعل الخضار تنمو والورود تتفتح في الشرفات. وعندما رأى عالمه الوهمي منجزاً، أشار بإصبعه، وصرخ: هكذا سنكون أيها السيدات والسادة. انظروا، هكذا سنكون. التفت الجمهور ورأى الجميع عابرة محيطات ورقية ملونة تمر وراء البيوت، كانت أكثر ارتفاعا من بيوت المدينة الاصطناعية. ولاحظ السيناتور وحده أن القرية الكرتونية المنصوبة، لكثرة تركيبها وفكها، ونقلها من مكان إلى آخر، كانت متآكلة بفعل عوامل الطبيعة، وبائسة ومعفرة مثل روسال دل فيري تقريباً.”

أفضل القصص

وهذه أفضل قصصه القصيرة، وكما وردت بالمجموعة الفذّة:

عينا كلب أزرق

لا يوجد لصوص في هذه القرية

جنازة الأم الكبيرة

سيد عجوز بأجنحة هائلة

بلاكمان الطيب بائع المعجزات

القصة العجيبة والحزينة لإيرينديرا الساذجة وجدتها القاسية

رحلة موفقة سيدي الرئيس

جئت لأتكلم في الهاتف فقط

موت مؤكد فيما وراء الحب

انتبهوا ولأن دور نشر طبعتها تحت أسماء أخرى فلا تنخدعوا!

عن مصطفى رحمة

فنان تشكيلي ورسام كارتون وكاريكاتير وكتب أطفال، له إسهامات في مجلة صباح الخير، وكان من أوائل الفنانين الذين عملوا فى مجلة ماجد منذ صدورها ولمدة تزيد عن الثلاثين عاماً، وهو رسام كاريكاتير بجريدة الاتحاد الإماراتية. دراسته غير أكاديمية، حيث علم نفسه بنفسه وقاد تجربته منفرداً ومتفرداً. أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في مصر والإمارات العربية المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *