أحدث الحكايا

ترام القاهرة..نهاية الرحلة وبداية التحول

بعد أسبوع واحد من تسيير الترام، صدم طفلا فمزق جسمه وتوفي في الحال. وقد فزع سكان العاصمة للحادث، وانتهز بعض الأدباء الفرصة، فانهالوا على الترام هجوما وسبا. وقالوا إن عزرائيل يمشي وراءه متهيئا لقبض الأرواح. وأصدر محمود خاطر نشرة أسماها “النشرة الكهربائية”، خصصها لحوادث الترام، وما ييجري من مشاجرات بين المحصلين والسائقين والجمهور. ومما جاء فيها في وصف هذه المركبة الكهربائية:

تمشي وعزرائيل من خلفها

مشمر الأردان للقبض

 

 

 

 

ظل المحامون لمدة طويلة يبدأون مرافعاتهم ضد الشركة بهذا البيت. لكن هذا لم يكن كل شيء، فهناك من الكتاب من أشاد بالترام وكتبوا عن منافعه.

 

 

ففي نهاية أغسطس 1896، ألف عمال مصنع السجاير نقابة ترعى شئونهم وتدافع عن حقوقهم. وفي أكتوبر من العام نفسه، تألفت نقابة عمال المطابع. وفي 1901، اعتصم الخياطون في مصانع الملابس الجاهزة، واجتمعوا في قهوة ألف ليلة بالأزبكية. والقت الشرطة القبض على 27 عاملا. وأخيرا، أجيب مطالب العمال وانتهى الاعتصام.

 

 

وتوالت الإضرابات حتى وصلت إلى عمال الترام أنفسهم (أكتوبر 1908)، فجلسوا على الخطوط في مخزن شبرا، والعباسية، والجيزة. وكانت مطالبهم هي جعل مدة العمل 8 ساعات بدلا من 13، وزيادة المرتبات، والحق في الأجازات الاعتيادية والمرضية. وطالبوا كذلك بتمثيلهم في لجنة الجزاءات، وعدم فصل العامل إلا لأسباب معقولة، وإعفاء العمال من دفع ثمن البدل والأحزمة والشنط والنمر النحاسية التي تصرفها لهم الشركة. واضطرت الشركة إلى الاستعانة بالشرطة، التي انهال رجالها على المعتصمين بالعصي والكرابيج، وعاد العمال إلى العمل.

 

 

 

 

ويخصص سيد كيلاني فصلا بعنوان الأدب الترامي، يرصد الكتابات المختلفة للمؤيدين للترام والرافضين له، وخاصة لقيام شركة أجنبية بإنشائه. وكتب إلياس حنيكاتي قصيدة بعنوان “الترامواي الكهربائي” يقول مطلعها:

إن الترامواي على القاهرة

مصيبة يا قومنا قاهرة

 

 

أما المتحمسون للترام فقد عبر عنهم أحد الأدباء في قصيدة جاء فيها:

يباري الريح إسراعا ويطوي

عروض الأرض أناء النهار

 

 

وظهرت الكثير من الأشعار والأغاني التي يشكل الترام موضوعها. يخاطب أحدهم الترام في قصيدة عامية بقوله:

مش كفاية وبغير سبب تقتل وتزهق

الأبرياء في الفجالة آه ولا انت هايب

 

 

واشتهرت أغنية يقول مطلعها “يا ترام العباسة وديني على قصر النيل”. ولم تفوت النكتة قضية الترام، ومن النكات التي ظهرت وقتها واحدة تقول:

 

 

 إن أحدهم سأل عبد الحميد المواردي: أخبرني كيف يسير الترمواي على    القضبان؟ فأجاب: دول معلقين فيه حمير من تحت.

 

 

 

 

إن هذا الكتاب يرسم صورة شاملة للواقع السياسي والاجتماعي لمصر في لحظة مثيرة من تاريخها وعاصمتها، وهو يحوي الكثير من المعلومات والطرائف لا يمكن لأي عرض مهما كانت مساحته أن يلم بجوانب هذا الكتاب الممتعة.

 

 

ويمكنكم قراءة الأجزاء السابقة من هذه السلسلة عبر الروابط التالية 👇🏻

ثورة الترام ..التي قلبت حياة المصريين

ثورة الترام التي قلبت حياة المصريين..من الحنطور إلى القضبان

ترام القاهرة…ولادة مصر الجديدة

ترام القاهرة…كيف تغيرت قاهرة المعز؟

 

 

عن شهرزاد

المحرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *