في مساء ثقافي خاص، احتضنت مكتبة ديوان بمصر الجديدة ندوة استثنائية جمعت بين أجيال مختلفة تحت سقف واحد، حيث حاورت الكاتبة منى الشايب الكاتب والروائي عمر طاهر حول كتابه «أخوية الطبقة المتوسطة»، الصادر عن دار الكرمة.
الكاتب عمر طاهر مع الكاتبة منى الشايب
لم تكن مجرد ندوة، بل أشبه ببوابة زمنية فُتحت على مصراعيها. فمنذ اللحظات الأولى بدا المشهد مختلفًا؛ زحام يبدأ عند باب القاعة ويمتد حتى الداخل.
في القاعة تختلط الوجوه والأجيال: شَعر غزاه الشيب إلى جوار عيون شابة تلمع بالفضول. كان الحنين سيد اللحظة، يلفّ الجميع بخيط غير مرئي، بينما يجلس الشباب منصتين، يشيدون بخيالهم صورة لعصر لم يعاصروه، لكنهم يلمسونه عبر الحكايات والذكريات المتدفقة، خاصة وأن الكتاب يحكي سيرة عمر طاهر.
خلال الندوة، حرص طاهر على فتح نقاش مباشر مع الجمهور حول مفهوم القراءة في زمن تتعدد فيه مصادر المعرفة. أوضح أن القراءة لم تعد حكرًا على الكتاب الورقي، بل امتدت إلى الكتب الإلكترونية، والكتب الصوتية، والدورات التعليمية، والفيديوهات، وحتى المسرح والأفلام الوثائقية.
وأكد أن الأهم من شكل الوسيط أن يبقى جوهر الفكرة قائمًا: تشجيع الشباب على السعي وراء المعرفة بطرقهم الخاصة. ودعا الأجيال الأكبر إلى توسيع مداركهم وتقبّل هذه التحولات، بدلًا من القلق لأن الشباب لا يمسكون الكتاب الورقي كما اعتادوا هم. فالنتيجة في النهاية هي تراكم قدر من الثقافة والمعرفة لهذا الجيل، حتى وإن اختلفت الوسائل.
ولم يكتفِ طاهر بالحديث عن القراءة، بل انتقل إلى الإلهام في مسيرته ككاتب، مشيرًا إلى أنه يستلهم الكثير من بليغ حمدي. اعتبره مثالًا يُحتذى به في الكتابة: لبساطته، ومعرفته العميقة بتاريخ مصر، وقدرته على استثماره في فنه، إلى جانب وضوحه وابتعاده عن الحشو. مشاعر بليغ وأفكاره كانت دائمًا صافية وصادقة، وهو ما يجعله نموذجًا ملهمًا لأي مبدع يسعى لأن يظل أثره حيًا وباقيًا.