أحدث الحكايا

ابتسام أبو الدهب تحكي: “حكايات ألف ليلة وليلة” مفاجأة “محكى شهرزاد” في رمضان

بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد، أن حكايات ألف ليلة وليلة قد عادت من جديد.

ثلاثون حلقة من حكايا شهرزاد الساحرة، تمنح المستمعين مُتعة، وتطوف بهم في خيال فريد.

الحلقات تقدم في معالجة جديدة، من خلال «محكى شهرزاد»، طوال شهر رمضان، وتُذاع الحلقة كل يوم قبل الإفطار. في الساعة الرابعة عصرا، عبر منصات المحكى الصوتية المختلفة. فهل تريد أن تعرف المزيد؟

حكايات ألف ليلة وليلة.. الأصل

يحكي كتاب “حكايات ألف ليلة وليلة” عن الملك شهريار الذي اكتشف خيانة زوجة أخيه، ثم خيانة زوجته هو أيضا، فقرر إعدام الأخيرة، ولحق قراره هذا بأنه سيتزوج كل يوم بفتاة عذراء ثم يقتلها ليلة العرس قبل أن تسنح لها الفرصة لتخونه.

لاحقًا، عجز الوزير -الذي كان مكلفاً بتوفير عروس للملك- عن العثور على المزيد من العذارى، فأقنعته ابنته شهرزاد أن تتزوج هي شهريار. وفي ليلة زواجهما، بدأت شهرزاد تحكي حكاية للملك ولكنها لا تنهيها، فيُثار فضوله لسماع النهاية ويؤجل إعدامها لليوم التالي بعد أن تُنهي حكايتها، واستمرت شهرزاد على ذلك المنوال كل ليلة حتى أكملت ألف ليلة وليلة. كان الملك شهريار خلالها قد وقع في حبها وقرر عدم إعدامها.

حكايات ألف ليلة وليلة.. معالجة جديدة

كانت فكرة إعادة تقديم حكايات ألف ليلة وليلة ولكن بمعالجة جديدة تُكتب حديثا، تراود المترجم أحمد صلاح الدين، الرئيس التنفيذي لمبادرة شهرزاد، ومنال أمين، رائدة الأعمال ورئيسة مجلس إدارة المبادرة، منذ أن أطلقت المبادرة قبل شهور، ولكن اتفقا على تأجيلها قليلا.

تحكي منال أمين عن الفكرة قائلة: “لاحظنا إعجاب الجمهور بحكايات الأدب الشعبي، فكانت فكرة حكايات ألف ليلة وليلة بسحرها لتسعد المستمعين في ليالي رمضان، وذلك بعد أكثر من 7 شهور من إطلاق مبادرة شهرزاد بهدف زيادة المحتوى العربي الراقي على الإنترنت”. مضيفة: “لقد استمتعت جدا بأغنية البداية والنهاية بكلماتها وألحانها، وبأسلوب الحكي والإلقاء المتميز لمنى الشايب. فمازال لدى شهرزاد الكثير من المفاجآت والأفكار الجديدة في المواسم القادمة”.

منال أمين وأحمد صلاح الدين

 

وبتفاصيل أكثر، يحكي المنتج الفني أحمد صلاح الدين، الرئيس التنفيذي لمبادرة شهرزاد، عن بداية الفكرة قائلا: إعادة تقديم حكايات ألف ليلة وليلة بمعالجة جديدة كانت حلما منذ إطلاق مشروع “شهرزاد” الثقافي، ولكننا أجلناه لفترة، حتى الوقت المناسب، وكان شهر رمضان هو ذلك الوقت”. وأضاف أحمد: “أعتبر شهرزاد هي الأساس في مشروع المبادرة، وطريقة حكايتها “الحكي الإطاري” هي الهم الأساسي في مشروع منصة شهرزاد، فالحكايات مفتاح سحري لعبور قلوب الناس”.

وتابع صلاح الدين: “نصر عبد الرحمن أعد الحلقات بمعالجة لطيفة بحيث تكون قابلة أن تسجل صوتيا، أما أغنيتا المقدمة والنهاية فكان عندي تحدي أن أجد شكلا مختلفا لهما فتم الاستعانة بالشاعر إبراهيم عبد الفتاح لكتابة كلمات التترات، والملحن محمد الطوخي لتلحينها، أما الحكايات نفسها فقدمت منى الشايب مع أصوات مساعدة أداء هائلا في روي الحكايات، حيث كانوا يسجلون الحكاية مع بعضهم في نفس الوقت حتى يكون التفاعل والحوار أكثر صدقا، وبدأنا إذاعة الحلقات”.

وكما جذبت حكايات شهرزاد ملكها شهريار، يتمنى أحمد صلاح الدين أن تقدم المبادرة للناس المعلومة والحكمة والمعرفة بأسلوب ممتع يجذبهم، وأن تستمر المبادرة بموقعها الإلكتروني شهرزاد ومحكي شهرزاد في تقديم المزيد من الحكايا الساحرة.

كواليس تسجيل الحلقات في هذا الرابط 

من كواليس تسجيل الحلقات

إعادة كتابة الحكايات

حكايات شغلت ألباب ملايين البشر على مر العصور، ألهمت عشرات الآلاف من المبدعين. سافر في عوالمها من سافر، وواجه من أراد إعادة نسجها من جديد العراقيل، لكنه تغلب عليها كما تغلبت شهرزاد على خوف ملكها الحكيم.

من حكايات ألف ليلة وليلة

 

يحكي معد الحلقات نصر عبد الرحمن حكايته مع إعادة تقديم الليالي التي صاغها وتذاع حاليا، وراجعها لغويا أيمن عامر، فيقول: “استمتعت للغاية أثناء إعدادي لحلقات ألف ليلة وليلة لدرجة لم أكن أتخيلها. لقد ارتبطت بالليالي وأنا في الصف الرابع الابتدائي، عندما قرأت كتابًا يضم رحلات السندباد السبعة فقط، ثم سمعت حلقات ألف ليلة وليلة الإذاعية التي كتبها الشاعر الكبير “طاهر أبو فاشا”، وعندما أصبحت الحلقات مُتاحة على يوتيوب مؤخرًا، حرصت على سماعها مرة أخرى بالترتيب يوميًا. وبالطبع كنت قد قرأت الكتاب في نسخه المختلفة عدة مرات من قبل”.

نصر عبد الرحمن

 

يستكمل نصر حكايته: “كنت أناقش إحدى الأساطير الأفريقية مع الأستاذة “عائشة المراغي”، رئيس تحرير محكى شهرزاد في ذلك الوقت، وتطرقت في حديثي عن طبيعة ألف ليلة وليلة، ونجاح طاهر أبو فاشا في استخلاص قصص بعينها، وتعديلها لكي تصلح للأداء الدرامي في الإذاعة. وبعدها بأيام، طلبت مني الأستاذة عائشة إعداد حلقات جديدة لإذاعتها على منصات محكى شهرزاد في رمضان الكريم”.

ويتابع: “اكتشفت أنني سأواجه تحديات عدة، أولها أن حكايات ألف ليلة وليلة معروفة جدًا، ومُتاحة على وسائط عدة. هناك الكتب، والحلقات الإذاعية البديعة، والحلقات التلفزيونية، وبعض الأفلام الأمريكية التي اعتمدت على قصص ألف ليلة. كان يجب اختيار قصص لم تنل نفس القدر من الشهرة مثل قصة “علاء الدين والمصباح السحري”، أو “رحلات السندباد”، أو “الأشكيف”، وهو ما يحتاج وقتًا للبحث والانتقاء”.

“التحدي الثاني هو قصر وقت الحلقة (لا تتجاوز سبع دقائق) وبالتالي يجب الالتزام بقدر مُحدد سلفًا من الكلمات، وإعادة صياغة القصص لكي تتناسب مع زمن الحلقة. لقد كان هذا صعبًا لأن القصص تتوالد من رحم القصة الأصلية في ألف ليلة، وكان يجب أن تنتهي القصة مع نهاية الحلقة، أو على الأقل تنتهي الحلقة بنهاية مُشوقة، تجعل المستمع يترقب الحلق التالية. وبالتالي، كنت أعيد صياغة الحلقة الواحدة عدة مرات، لكي أحافظ على فكرتها والتزم بالإطار الزمني. التحدي الثالث كان تحديد طبيعة لغة الحلقات. هل هي لغة تراثية مثل لغة الليالي، أم عامية مصرية مثل حلقات ألف ليلة، مع المُحافظة على السجع الذي تتسم به الليالي، لكن بمقدار مُحدد، وهو ما تطلب إعادة صياغة للجمل والعبارات لإضافة مزيد من السجع أو تخفيفه، استخدام كلمات تراثية أو استبدالها، والمحافظة على سلاسة اللغة وتوازنها لأنها تخاطب جمهورًا جديدًا. بالإضافة إلى التوازن بين المقاطع السردية (التي ترويها شهرزاد) والحوارية (على لسان الشخصيات) لكي تناسب طبيعة إنتاج الحلقات. وبالطبع كان النقاش مستمرًا مع أستاذة عائشة المراغي في كل هذه التفاصيل”.

 

يرى نصر عبد الرحمن، من خلال تجربته، أنه يمكن إعادة إنتاج وتدوير قصص وحكايات ذلك النص العابر للجغرافيا والزمن، وذلك لأن ألف ليلة وليلة نص عالمي بكل معنى الكلمة على مستوى التأليف والاستقبال. فكل شعوب الأرض يحبون تلك الحكايات العجيبة بشطحاتها الغريبة، وما تنطوي عليه من حكمة وتجارب وتأملات عميقة حول الإنسان ومعنى الوجود.

ومع إعادته صياغة حكايات ألف ليلة وليلة، وتعامله مع تحديات المشروع، يشعر بسعادة غامرة لإقبال جيل جديد، لم تُتح له فرصة قراءة الكتاب أو الاستماع إلى الحلقات الإذاعية، على الحلقات. ويقول في نهاية حكايته وحديثه: “أتمنى أن تنجح هذه التجربة في إثارة اهتمامهم بالتراث لاحقًا. كما أسعدني رد فعل جيل آخر، كانت الحلقات الجديدة سببًا في إثارة حنينه للماضي، واستعادة ذكرياته التي تشكلت مع صوت “زوزو نبيل” (شهرزاد) في هذا الطقس الرمضاني القديم”.

للاستماع إلى الحلقة الأولى في هذا الرابط 

كلمات المقدمة والنهاية

“وآدي حكاية ويا حكاية من ألف ليلة.. عقبال ألف ليلة كمان… يا شهرزاد احكي زيادة.. السر أصله كان ياما كان…”  

كتب كلمات تتر المقدمة والنهاية الشاعر الكبير إبراهيم عبد الفتاح، الذي حرص على اختيار كلمات تحكي بشكل أو بآخر فكرة الليالي، وتوضح قصة شهرزاد وشهريار، فتقول الأغنية:

إحكي كمان وكمان يا ملاك يا أسطورة..

ده احنا في أمان طول ما انتي في الصورة..

يا شهرزاد.. لسة سنين جاية ومكملة الحكايات..

بدايات بلا نهايات..

سحر الحكاية بيشغل السلطان

الشاعر إبراهيم عبد الفتاح

 

تلك الحكايات المقدمة، والتي شغلت مستمعي منصة محكي شهرزاد ومنصة شهرزاد، قدم هندستها الصوتية عمرو صلاح الدين، والمنتج المنفذ لها حنان فكري، أما المقدمة والنهاية فشارك فيها مع الملحن محمد الطوخي والشاعر إبراهيم عبد الفتاح، أسامة عبد الهادي بالتوزيع، والمكساج محمود علاء.

حكاية ألحان التترات

اندماجه داخل “مود” الحكايات كان مدخله لاختيار ألحان المقدمة والنهاية، فيحكي الملحن محمد الطوخي عن تلك التجربة، ويقول: “شهرزاد موضوع جديد ومختلف يعيد للمستمع المصري والعربي الأعمال الهادفة ذات القيمة والمضمون، وسعدت جدًا بعمل موسيقى وتترات حكايات شهرزاد لأسباب كثيرة؛ أولها تميز العمل واختلافه، وثانيها تعاملي مع  شاعر بقيمة وقامة الشاعر إبراهيم عبد الفتاح، رغم أنه ليس العمل الأول بيننا، فإنني أشعر بمتعة عندما أتعامل مع كلماته البسيطة والعميقة في الوقت نفسه، وثالثهما أن ذلك المشروع عرّفني على المترجم أحمد صلاح الدين، والذي أدين له بفضل خروج الموسيقى بهذا الشكل بسبب طريقة أدائه وشرحه لي عن حكايات شهرزاد وفكرة المشروع، وهو من جعلني أندمج في إحساس الحكاية والليالي.

الملحن محمد الطوخي

 

لمشاهدة إحدى بروفات تسجيل لحن المقدمة والنهاية اضغط هنا 

 

يتذكر الطوخي، لحظة إلهام مُنحت له، ويحكي: “افتكر واحنا قاعدين في اجتماع، وأحمد صلاح بيحكي لي عن الحكايات، أنا قاطعته في الكلام وقلت له أنا آسف جت لي مزيكا النهاية دلوقتي!، وفعلا قمت سجلتها على التليفون وكملنا حوارنا تاني”.

ويتابع: “أتمنى أن يكون تلحيني لحكايات شهرزاد بداية لحكايات أخرى كثيرة غيرها، ومشاريع فنية مختلفة مع نفس فريق العمل المخلصين والمحبين للقيمة الحقيقية للفن الراقي، الذي أتمنى -بشكل شخصي- أن يبقى موجودا لإثراء الساحة الفنية في الفترة المقبلة”.

شهرزاد.. نفسها

منى الشايب أثناء تسجيل الليالي

 

الحكايات المقدمة حاليا خلال منصات محكى شهرزاد، ترويها منى الشايب، ويشاركها في أداء الشخصيات كل من: فادي أحمد، حسن خالد، عمرو أبو جبل، أحمد محروس، مروة السرساوي، سلمى إسماعيل، هشام كفافي، محمد أبو علي، فاروق أحمد، ولبنى الدبيكي.

من كواليس تسجيل الليالي

 

بصوت هادئ، جذاب، تروي منى الشايب حكايات ألف ليلة وليلة، فهى من تلعب دور شهرزاد نفسها. تحكي عن تجربتها كراوية لليالي قائلة: “تجربة محكى شهرزاد بالنسبة لي هي تجربة غنية جدا، لأنني من الجيل الذي تربى على قصص ألف ليلة وليلة؛ كنت أقرأها في كتب الأطفال والمراهقين، وكنت أشاهدها على شاشة التليفزيون عندما كانت تقدم على التليفزيون الرسمي، ففكرة العودة لحكايات ألف ليلة وليلة هي فكرة مثيرة ومحببة لي بشكل شخصي، كما أنني أعتقد أنها فكرة مُفتقدة للجيل الحالي الموجود الآن، لأن أغلب الأطفال حاليا أو حتى الكبار، تتمثل لهم صورة الحكايات عن طريق الدراما والمسلسلات وأفلام الكارتون، وتندر فكرة أن يتلقوا الحكاية صوتيا ويتخيلون أبطالها والمكان الذي تجري فيه الحكايا مع وجود المؤثرات الصوتية”.

منى الشايب

 

وتابعت منى: “فكرة إعادة تقديم الليالي بالنسبة لي هي فكرة جميلة ومعبرة، وناس كثيرة أحبتها، لأنها لمست روح الخيال والإبداع عندهم، كما منحتهم فرصة للتعرف على ثقافات وقصص من تراث مختلف لأن الحكايات مستمدة من قصص شعبية وتراثية لبلاد كثيرة حول العالم، كذلك كانت فرصة تجعلهم يتيقنون بوضوح أن الفكر الإنساني واحد تقريبا، فالأهداف والمبادئ والأخلاقيات واحدة مهما تعددت الثقافات واختلفت جغرافيا المكان، وأيضا القيم الأساسية كالحق والخير والجمال والعمل الصالح وحتى الشر والفساد، كلها قيم وأفكار تجمع الإنسانية كلها”.

تستكمل منى: “التجربة ملهمة، أرجعتني لروح عصر وزمن أفتقده كثيرا في وسائل الإعلام حاليا. إضافة إلى أنني من أكثر الناس المنحازة للبودكاست الصوتي، لأنه تقريبا يوازي مفهوم البرنامج الإذاعي، لأنهما تجربة صوتية تعتمد على النص والخيال أكثر من اعتمادها على عناصر الصورة، فالصوت يفتح بدوره المجال للخيال والتصور والقيم الإبداعية، ومن هنا تأتي قيمة المحكى، فهو ببساطة يرجع البطولة لحاسة السمع، ولقيمة الاستماع والراديو “.

وهنا.. سكتت شهرزاد عن الكلام المباح..

عن ابتسام أبو الدهب

كاتبة صحفية، تخرجت من قسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة عام 2015، وتستكمل الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير بنفس القسم. تعمل في الصحافة منذ عام 2011، في عدد من الصحف المصرية والمواقع العربية، ترأست قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة القاهرة عام 2022. وتعمل حاليا بمجلة البيت الصادرة عن مؤسسة الأهرام، ومُعدة بقناة الحياة، كما تعمل كمدربة للأطفال بمشروع "أهل مصر" منذ عام 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *