أحدث الحكايا

شهرزاد تحكي: حكاية الكحك المصري من آلاف السنين.. ولهذا السبب ارتبط بعيد الفطر

كان يا ما كان، منذ آلاف السنين، وتحديدًا منذ عام 1949 قبل الميلاد، وفي عهد الأسرة الـ 18 من الدولة المصرية الوسطى، عرف المصريون الكعك أو الكحك بالعامية المصرية، وعرف وقتها باسم «كعك الأقراص» لأنه يشبه قرص الشمس. واستمر بعدها الكعك على مدى آلاف السنين يرتبط بالمواسم والأعياد المصرية حتى صار رمزا لعيد الفطر المبارك.. فما هي هي المراحل التي مر بها الكعك تاريخيا؟

في مصر القديمة 

بدأت صناعة الكعك منذ العهد المصري القديم، حيث وجد علماء الآثار صوره وطريقة صناعته منقوشة على جدران المعابد وفي طيبة ومنف بطريقة تشبه كثيرًا الطريقة التي يصنع بها حتى اليوم، وصُور على جدران مقبرة الوزير «رخمي رع»، من الأسرة الثامنة عشرة.

ولم تختلف مكونات الكعك في هذا الوقت عن صناعته الآن؛ إذ كان يُعد على أشكال دائرية يتم تقديمها في الأعياد أو عند زيارة الموتى والقبور، لإيمان المصريين القدماء أنّ له هدفًا دينيًّا، وكان مختومًا على الكعك في ذاك العصر رمز «الإله رع»، ولكن كان يختلف الشكل كما توضح النقوش؛ إذ كان البعض يصنعه أيضًا على شكل حيوانات أو أوراق الشجر وغيرها ووصلت أشكال الكعك إلى أكثر من 100 شكل مختلف.

طريقة صناعة الكعك في مصر القديمة

 

وتقول المراجع التاريخية إن المصريين القدماء استخدموا مكونات أقرب للمكونات التى يتم استخدامها فى العصر الحالى فى صناعته، حيث كانول يستخدمون السمن وعسل النحل والدقيق فى صناعته، كما كانوا أحيانا يحشونه بالتمر أو التين ويزينونه بالفواكه المجففة مثل الزبيب، وهو ما أكدته الصور التى عثر عليها على جدران بمقابر منف وطيبة والتى توضح كيفية صناعة الكعك فى عصر الفراعنة.

الكحك على جدران المعابد

في عهد الدولتين الطولونية والإخشيدية

ظل المصريون يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم التى لم تتغير على مر العصور، حتى أن دخول الإسلام مصر على يد عمرو بن العاص لم يؤثر عليها، والتى كان من بينها صناعة الكعك وتناوله، إلا أنه فى هذه المرة ارتبط بالاحتفال بعيد الفطر، العيد الإسلامى الذى يحتفل فيه المسلمون بإفطارهم بعد شهر رمضان، وكان هذا لأول مرة فى عهد الدولة الطولونية إذ أنه كان يصنع في قوالب منقوشة عليها عبارة “كل واشكر”، وكان يتم حشو كل قطعة من الكعك بدينار من الذهب، كنوع من الدعاية لابن طولون، وكان يُقدم على موائد يُدعى لها حشد من رجال الدولة وعلية القوم، واستمر الكحك في هذه المرحلة، وكان يكتب عليه «افطن له»، لاشتماله على ذهب قد يجرح آكله، وتناقله الإخشيديون وكان الوزير «أبو بكر المادرالي» مهتماً بصناعة الكعك في العيد، فكان يحشوه بالذهب.

 في العصر الفاطمي

أما في العصر الفاطمي فتطورت صناعة الكحك بالتزامن مع الاهتمام بالاحتفالات الدينية واقترانها ببعض المظاهر والأكلات المختلفة، وبدأ في ذلك الوقت ارتباط الكعك بعيد الفطر، إذ كان الخليفة الفاطمي يخصص 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، وكانت بداية صناعته في شهر رجب إلى العيد، حتى أنشئت ”دار الفطنة”، وهي دار مخصصة لصناعة كعك العيد فقط. وقد كان للخليفة زي معين في كل عيد؛ وكان في عيد الأضحى يرتدي ملابس حمراء، في إشارة إلى الأضحية، وفي عيد الفطر يرتدي الزي الأبيض، إشارة إلى الكعك.

فى عهد المماليك والدولة العثمانية

حرص المماليك على المحافظة على تقليد صناعة الكعك وتوزيعه على الفقراء فى عيد الفطر، خاصة في مدرسة الأميرة “تتر الحجازية” بحي الجمالية، التي كانت توزع الكعك الناعم والخشن على العاملين هناك. وقد لاقت صناعة الكعك رواجًا كبيرًا في عصر المماليك مما حدا بهم إلى إنشاء سوق يطلق عليه اسم سوق “الحلاويين” في باب زويلة، حيث كان يعرض الباعة هناك أجود أنواع الكعك خلال العشر الأواخر من رمضان، بعدما تفنن صُناعه في نقشه بقوالب مختلفة.

كما اهتم العثمانيون بصناعة الكعك فى عيد الفطر وحرصوا على توزيعه فى التكيات العامة، وظل المصريون يتوارثون عادة صناعة الكعك وتناولة من جيل إلى جيل حتى يومنا هذا، كموروث ثقافى حافظ عليه المصريون يمثل بهجة الاحتفال بعيد الفطر وتتبارى الأسر فى صناعته داخل المنازل وتتفاخر ببراعتها فى إتقانه.

عن شهرزاد

المحرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *