داخل قاعة العرض المؤقت بمتحف الفن الإسلامي تفاجئك رائحة العطور التي تهاجم نغاشيش أنفك، دون سيطرة منك، تُذكّرك بتاريخك الإسلامي، وعصور مرت بها أرض مصر وأهلها، حين كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها. رائحة العطور تقودك لرحلة يقدمها معرض “في حرم الجمال.. الزينة والطيب عبر العصور الإسلامية”.
في المعرض تستقبل الزائر واجهة زجاجية تحتوي على وشاح من الكتان الناعم، تزينه أزهار مطرزة بخيوط حريرية ملونة، بالإضافة إلى مجموعة من الحلي؛ قلادة فضة مطلية بالذهب، وخواتم فضية مرصعة بالفيروز، تعود إلى العصر المملوكي “الذهب كان رمزًا للرفاهية في العصر العباسي والفاطمي، لكنه تراجع أيام الأيوبيين بسبب الحروب الصليبية، ثم عاد الاهتمام به في العصر المملوكي والعثماني”، تشرح د. ريهام طاهر، منسقة المعرض.
وفي قسم المنسوجات، يظهر فستان من الكتان مزين بدوائر حمراء وخضراء، وشريط معدني مطرز، يعكس براعة الصناع المسلمين. “أردنا للزائر أن يلمس تاريخ النسيج حرفيًا”، تضيف دكتورة ريهام، مشيرة إلى قطعتين من الكتان، إحداهما مصبوغة والأخرى خام، ليشعر الزائر بالفرق بينهما بأطراف أصابعه.
المفاجأة الأكبر تنتظر الزائر في قسم العطور، حيث أعاد فريق المتحف بالتعاون مع شركة “الشريف بوتيه” إحياء تركيبات عطرية منسية، مذكورة في مخطوطات قديمة. هنا، يمكنك شم “عطر هارون الرشيد” المصنوع من العود والصندل والزعفران والمسك، كما يذكر عمر الشريف، مبتكر عطور شركة “الشريف بوتيه”.
وأضاف الشريف أنه كان حريصًا على عمل عطر عربي، تحديدًا عطر هارون الرشيد، كما هو مذكور في المخطوطات “بالاستعانة بدكتورة داليا النبوي مدير الترميم بمتحف عواصم مصر ومن المهتمين بالعطور، وهي من قامت بعمل العطر”.
ولكي تكتمل التجربة، يمكن للزائر ارتداء نظارة الواقع الافتراضي ليجد نفسه داخل قصر من قصور العباسيين، والتجربة هي أهم ما يميز المعرض، إذ يعيش الزائر حالة شعورية حسية تأخذه في رحلة للعصور الإسلامية، إذ يمكنه شم التركيبات العطرية أيضًا.
يمنح المعرض زواره فرصة نادرة ليس فقط لمشاهدة التاريخ، بل لشمّه ولمسه، في رحلة تثبت أن الجمال الإسلامي كان دائمًا فنًا للحياة، وليس فقط للعرض.