رحل نجيب محفوظ تاركا وراءه إرثا أدبيا عالميا، ومكتبة بها قرابة الألف وخمسمائة كتاب، تتنوع بين أعماله الروائية وكتب وقواميس وموسوعات، أو أُهديت إليه.
إرثه الأدبي زار مكتبات العالم جميعها وسكن خواطر قراءه، أما مكتبته الخاصة، فاستقرت حديثا بمقتنياتها جميعا في مكتبة الإسكندرية بعدما أهدتها ابنته أم كلثوم كي تتاح للباحثين و الدارسين وأيضا الزوار غير المتخصصين.
استلام المكتبة
كان منزل أديب نوبل، هو مكان حكايتنا، حيث استقبلت أم كلثوم؛ كريمة نجيب محفوظ، الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، على رأس وفد من خبراء المكتبة يتقدمهم الدكتور محمد سليمان رئيس قطاع التواصل الثقافي، لإتمام إجراءات استلام وتسلم المكتبة.
وخلال استقبالها، عبّرت أم كلثوم عن سعادتها بإهداء المكتبة الخاصة بوالدها الراحل إلى مكتبة الإسكندرية، وكشفت أنها قررت ذلك بعد أن زارت مقر المكتبة ورأت كيف يتم التعامل مع الكتب بأسلوب احترافي. وقالت إن هذه الخطوة تأتى في إطار حرصها على إتاحة تراث نجيب محفوظ لكل قرائه من كافة الأعمار.
احتفالية خاصة
بعد أن ينتهي خبراء مكتبة الإسكندرية من عمليات الفرز ومعالجة وتصنيف كتب مكتبة نجيب محفوظ، سوف يتم عرضها في الإسكندرية بما يليق باسم وقيمة أديب نوبل.
وأوضح الدكتور أحمد زايد، أنه فور الانتهاء الخطوات الفنية والإجرائية الضرورية للكتب المهداة، سيتم تنظيم احتفالية ثقافية تليق بهذا الحدث الثقافي المهم، بحضور كريمة نجيب محفوظ ورموز ثقافية وفكرية، سيتم الإعلان عن تفاصيلها لاحقا.
مجموعة نجيب محفوظ تخرج للنور مجددا
وأوضح زايد أن أهمية مجموعة كتب نجيب محفوظ تأتي من كونها مقتنياته الخاصة، فهناك بعض الكتب تحمل توقيعه الخاص، وبعضا آخر تحمل توقيعات من قاموا بإهدائه أعمالهم من كبار الأدباء والمفكرين في مصر والعالم، إضافة الى شهادات ووثائق، وصور شخصية، ومجموعة شرائط فيديو لأعمال روائية استندت الى رواياته وكتاباته.
أدب يقربنا خطوة نحو أنفسنا
وعن أهمية هذا الإهداء، قال الدكتور زايد إن عظمة أدب نجيب محفوظ تتبدى في أن أعماله تجعلنا أكثر وعيًا بالتاريخ، وبأنفسنا، وبهويتنا المصرية، حيث لم يكن مجرد روائي فقط، بل كان فيلسوفًا، وهذا ما ظهر في مجمل أعماله، ونراه جليًا وواضحًا في كتابه البديع ” أصداء السيرة الذاتية “.
المكتبة 57
ومن جانبه كشف الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، أن مكتبة نجيب محفوظ ستكون ضمن قائمة مكتبات المجموعات الخاصة لرموز مصر وكبار مفكريها أمثال عبد الرحمن بدوى والسنهورى وهيكل وزويل وغيرهم، وأنها ستحمل رقم 57 ضمن قائمة المجموعات الخاصة التي تتفرد بها مكتبة الإسكندرية.
ترميم وتصنيف وأرشفة
وحول الإجراءات والمراحل التي ستتم عقب تسلم المكتبة، قال الدكتور سليمان إن خبراء المكتبة سوف يقومون بإجراءات حصر ومراجعة دقيقة لمحتويات المكتبة التي تتضمن بنظرة مبدئية أولية قرابة ألف وخمسمائة كتاب من مختلف الأحجام والأشكال والتخصصات، وبعدة لغات عربية وأجنبية، وسوف توضع الكتب أولًا في غرفة عزل لتبخيرها وتعقيمها لمدة أسبوعين، للتأكد من خلوها من أية حشرات أو فطريات، ثم يقوم الخبراء بحصر الكتب وتصنيفها وتبويبها ووضعها على قاعدة البيانات، وترميم ما يحتاج منها إلى ترميم، كذلك حصر التوقيعات التي كانت على الكثير منها، ومن هي الشخصيات صاحبة التوقيع، مشيرًا أن هذا يمثل في رأيه شكلًا من أشكال التأريخ لمصر الحديثة ولكن من خلال قصاصات وإهداءات وكتابات وملاحظات بخط يد نجيب محفوظ.
كما كشف سليمان أن أم كلثوم ستهدي مكتبة الإسكندرية أيضا خلال الفترة المقبلة بعض مقتنيات نجيب محفوظ الخاصة لكي يتم توظيفها داخل سيناريو العرض بما يسمح بخروجه في أفضل صورة، وبما يليق بأديب نوبل.