مع بدايات عملي بائعا للكتب القديمة في سوق ديانا كان لزاما عليّ توفير مصادر للكتب إلى جوار مكتبتي الشخصية؛ مؤكد ستنتهي يوما وحينها سأحتاج إلى مصدر آخر للاستمرار في عملية البيع دون توقف، إنها تجارة في النهاية وقد ارتضيت المسألة عملا –بشكل دائم– لذلك بدأت في السعي بحثا عن أشخاص يرغبون في بيع مكتباتهم وبدأت الرحلة.
هاتفني أحدهم وانتقلت إلى شقته في منطقة المعادي، وهناك أدركت أن المسألة لن تتوقف عند بيع وشراء الكتب وفقط؛ فقد كان بين الكتب مجموعة كبيرة من الأسطوانات والتي تضم تسجيلا كاملا للقرآن الكريم بصوت الشيخ محمود خليل الحصري.
سألت التجار في السوق من يشتري مثل تلك الأشياء، ومن هنا تعرفت إلى الشاعر سيد التوني والجاليري الخاص به ومقره في شارع جانبي متفرع من شارع البرازيل في حي الزمالك، لأكتشف عالما سحريا من الأسطوانات وأشرطة الكاسيت والكتب واللوحات وأجهزة الفونوغراف والمسجل والصور الفوتوغرافية. بمرور الوقت صارت صداقة، وفي واحدة من تلك الزيارات للمكان اشتريت أكثر من 100 صورة فوتوغرافية، تاريخ التقاطها ما بين 1957 و1970.
جاليري سيد التوني
عشت مع تلك الصور فترة وأصبح هناك عشق آخر إلى جوار الكتب والخطابات القديمة؛ عشق الصورة الفوتوغرافية. تلك التي أقرأ من خلالها تاريخ آخر للعالم.
.
ونستكمل الجزء الثاني من هذه الحكاية الأسبوع المقبل.
إضافة للحكاية باشوفها مهمة، عرفتها من خلال عملي كجرافيك ديزاينر مع الأرمن،
– المُصور اللي إلتقط أوّل صورة في قصر الخيديوي محمد علي، كان أرمني برضو (يُعتقد إن اسمه “جارو”)
– نتيجة للصورة، أعجب بها الخيديوي جدا، وطلب من “جارو” أن يتمنى أي أمنية يشاء ليحققها له.
– تمنى “جارو” في هذه اللحظة، أن تحصل الجالية الأرمينية في مصر، على الجنسية المصرية.
– تم تحقيق طلبه، ومن ساعتها تم منح الأرمن الجنسية المصرية، وسمح بأن يتجندوا داخل الجيش الوطني بعدها.
– جزء من قرار “تجنيس” الأرمن، كان سياسي، ومتوافق مع رغبة محمد على في الاستقلال بمصر عن الخلافة التركية.
ليه؟
– لأن سبب دخول الأرمن مبكرًا لمجال التصوير الفوتغرافي، هو سبب قومي، لتوثيق الأرمينيان-جينوسايد (مذابح الأرمن التي تعرض لها الأتراك)
– حتى وقت قريب، جميع ستوديوهات التصوير الأرمينية في العالم كله، في يوم 1 إبريل من كل عام، والموافق يوم الحداد الأرمني على ضحايا الجينوسايد، بتضع صور فوتغرافيّة نادرة توثّق الاضطهاد التركي للأرمن.
– نتيجة علاقات تركيا المعاصرة بالاتحاد الأوربي، تتدخل الحكومات لمنع هذه الصور والتشكيك فيها، معرضّة الأستوديوهات الأرمينية للإغلاق وسحب تراخيصها.
شكرًا أستاذ سامح على اختيار الموضوع، وسلاسة العرض، وأتمنى إني اكون ضيف خفيف على شهرزاد.
إضافة حضرتك مهمة جدا وافادت الموضوع بالفعل .. شكرا لك