“أحب أن تُقرَأ كتبي بمعزل عني، وأن تصل إلى قرائها بمفردها، فهذه هي الحالة المُثلى في القراءة، وهي تتحقق بدرجة أكبر في حالة ترجمة كتاب ما إلى لغة أخرى يتعرف القراء فيها على الكاتب عبر عمله فقط.”
بهذه الكلمات عبّرت الكاتبة والروائية منصورة عز الدين عن سعادتها باختيار روايتها بساتين البصرة، المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، ككتاب الشهر في المكتبة الأمريكية الشهيرة “Magers & Quin”.
ولم تكن هذه الترجمة الأولى للرواية؛ إذ سبق أن تُرجمت إلى الفارسية والفرنسية. غير أن مركزية الإنجليزية، كما ترى الكاتبة، تمنح العمل دوائر أوسع من المقروئية.
ترى منصورة عز الدين أنه من المهم أن تُترجَم الأعمال مع الحفاظ على جوهرها وروحها وأسلوب كاتبها، فالترجمة ليست إعادة كتابة بل بحث عن معادل للأسلوب. أما الترجمة الإنجليزية للرواية فقد أنجزها الأكاديمي والمترجم البريطاني بول ستاركي، الذي سبق أن ترجم متاهة مريم وعددًا من قصصها القصيرة.
وأنهى ستاركي الترجمة كاملة قبل أن تطّلع عليها الكاتبة في مرحلة التحرير، حيث دخلت معه ومع الناشر في نقاشات وصفتها بأنها “مثرية وفي صالح العمل ككل”.
تقول منصورة إنها لا تنشغل كثيرًا بالتوقعات، لكنها تأمل أن تحظى الترجمة بالاهتمام الكافي. فالرواية، التي صدرت منذ شهرين، حظيت بمراجعات قوية وإيجابية، ما يمنحها الأمل في أن يستمر هذا الزخم.
أما ما تتمنى أن يخرج به القارئ من الرواية بعد الانتهاء منها، فهو أن تفتح أمامه بابًا جديدًا لرؤية العالم. وتستعيد منصورة بامتنان تعليق قارئة فرنسية قالت إن قراءة بساتين البصرة حفزتها على التوسع في الاطلاع على الفلسفة الإسلامية ونصوص التراث العربي، الأمر الذي أسعدها كثيرًا، لأن “من الجيد أن يكون النص يدًا ممدودة نحو الآخر، أيًّا كانت ثقافته”.
تكشف منصورة أن ما يدهشها أكثر هو قصة كتابتها، إذ عاشت فكرة الرواية معها أكثر من ربع قرن، منذ قراءتها لكتاب تفسير الأحلام الكبير المنسوب لابن سيرين، عندما كانت طالبة جامعية.
تقول:
“استوقفني حلم الرجل المجهول الذي رأى الملائكة تنزل من السماء لتجمع الياسمين من البصرة. ونويت منذها أن أكتب نصًا ينطلق من هذا الحلم. وتحقق ذلك أخيرًا عام 2018، خلال إقامتي الأدبية في شنغهاي.”
الكاتبة والروائية منصورة عزالدين
وعن التحديات التي تعوق وصول الأدب العربي المعاصر إلى القارئ الغربي، ترى منصورة أن الأمر يرتبط بأن يتبناه ناشر أجنبي مهتم، يوفر له الدعاية والتسويق المناسبين، مع الحرص على جودة الترجمة. وتشدد على حاجة الكتّاب العرب إلى وكلاء أدبيين يشكّلون صلة وصل مع الناشرين الأجانب، مؤكدة أن دور الكاتب الأساسي يجب أن يظل منصبًّا على الكتابة لا على هذه التفاصيل.