قرر الأب توسعة عالم ابنه فنزح إلى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية وألحق ابنه بأحد الكتاتيب، ولكنه لم يكن مقبلا على الدرس والتعليم بقدر إقباله وشغفه بفنون الموسيقي العربية والغناء، وكان من أسباب ذلك أنه أصيب وهو في التاسعة من عمره بمرض في عينه، جعل القراءة والكتابة عبئا كبيرا، مما دفع والده إلى التركيز على تعليمه قواعد الموسيقي وإيقاعاتها.
وقد أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، فاستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم فرقة أبيه ومطربها الأول، وعرف باسم «بلبل المنصورة»، وقد استمع الشيخ سيد درويش لرياض فأعجب به إعجابا شديدا وأراد أن يصطحبه إلى الإسكندرية لتتاح له فرص أفضل، ولكن والده رفض ذلك العرض بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.
كل تلك المطالبات من فنانين كبار أدت بالأب في النهاية إلى القرار بالانتقال إلى القاهرة في عام 1928، أسوة بفرقة الشيخ إبراهيم البلتاجي التي نزحت إلى القاهرة وذاعت شهرتها بسبب ابنته أم كلثوم، فبدأت رحلة رياض لإثبات ذاته وسط منافسة شديدة، لكنه اختار أولا أن يصقل موهبته بالدراسة فتقدم بطلب لمعهد الموسيقى العربية، ليدرس به فاختبرته لجنة من جهابذة الموسيقى العربية في ذلك الوقت، إلا أن أعضاءها أصيبوا بنوع من الذهول، حيث كانت قدراته أكبر من أن يكون طالبا لذا فقد أصدروا قرارهم بتعيينه في المعهد أستاذا لآلة العود والأداء.
من هنا بدأت شهرته واسمه في البروز في ندوات وحفلات المعهد كعازف بارع، ولم تستمر مدة عمله بالمعهد إلا ثلاث سنوات، حيث قدم استقالته بعدها حيث كان قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين، وكان ذلك في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق شركة أوديون للأسطوانات التي قدمته كملحن لكبار مطربي ومطربات الشركة ومنهم عبد الغني السيد، ورجاء عبده، ونجاة علي، وصالح عبد الحي.
ونستكمل حكاية الموسيقار رياض السنباطي وألحانه الفريدة الأسبوع القادم.