د.خالد البلتاجي:
كانت البداية الحقيقية والمنظمة لوضع معايير اللغة السلوفاكية الفصحى المكتوبة على يد الكاهن الكاثوليكي أنطونين برنولاك (1762–1813). كان أحد طلاب معهد يوسف العام، الذي تأسس في قلعة برسبورج (براتسلافا حاليًا) ولم يستمر طويلًا. وفي عام 1787، وهو في الخامسة والعشرين من عمره، قدّم عمله الأول المعني بتدقيق اللغة وضبطها. ثم أصدر عام 1789 قواعد اللغة السلوفاكية. وبعد وفاته، بين عامي 1825 و1827، صدر عمله الضخم في ستة مجلدات، وهو معجم اللغة السلوفاكية والتشيكية واللاتينية والألمانية والمجرية.
لم تدم اللغة التي حاول برنولاك وضع معاييرها طويلًا. وكان أول من بدأ استعمال اللغة السلوفاكية في كتاباته بعد ذلك يوراي فاندلي، زميل برنولاك، ومثقف بارز، وأحد مؤسسي جمعية المجتمع السلوفاكي المتعلم (1790)، ومقرها مدينة ترنافا.
نافذة على الأدب السلوفاكي..ترنافا بين الإيمان والفن
تُرجم الإنجيل أيضًا في الأعوام 1829–1832، لكن هذه المرة على يد أحد أتباع برنولاك، وهو الكاهن يان هولي (1785–1849). ويُعد هولي أبَ الشعر السلوفاكي، إذ تظهر لمسات شعرية واضحة في مصطلحات اللغة السلوفاكية التي كتب بها.
لم يُجز البروتستانت اللغة التي وضع برنولاك معاييرها، كما ضعف الدور الثقافي لمدينة ترنافا بعد نقل جامعتها إلى مدينة بودا (جزء من المجر حاليًا) عام 1777. في المقابل، أصبحت مدينة برسبورج (براتسلافا الحالية) المركز الرئيسي للمجمع البروتستانتي، حيث تأسس المركز التشيكوسلوفاكي عام 1803. وكان الولاء للنسخة التشيكية من الإنجيل عاملًا مهمًا في الحفاظ على قوة التقاليد التشيكية.
نافذة على الأدب السلوفاكي.. الحياة الأدبية منذ القرن الثامن الميلادي
يُعد يان كولار أحد الشعراء التشيكيين البارزين (1793–1852)، وهو ينحدر من أصل سلوفاكي. استقر هذا الشاعر في مدينة بِست (بودابست الحالية)، وهو مؤلف مجموعة الترانيم الدينية الشهيرة ابنة السلاف، التي صدرت في عامي 1824 و1832.
يمثّل الحب والوطنية الموتيفَ الأساسي في هذا العمل، بينما يُعد موتيف الترحال خلفيةً لعدد من القيم التي ينادي بها الشاعر، مثل الحب والجمال والأخلاق والوطنية. عبّر كولار في هذا العمل عن حبه الجيّاش لفتاة تُدعى مينا، قدّمها على أنها ابنة أحد آلهة السلاف. أما الترحال، فيمتد عبر الأراضي السلافية، لينتهي به المطاف — وعلى طريقة دانتي — في الجنة السلافية، ثم الجحيم.
كان كولار مؤيدًا وداعيةً بارزًا لفكرة التعاون الثقافي الداخلي بين الشعوب السلافية، كما كان واحدًا من أبرز المهتمين بالفلكلور الشعبي وجامعًا له.
ومن البروتستانت البارزين أيضًا يان خالوبكا (1791–1871)، الذي عمل وزيرًا لسنوات عدة في مدينة بريزنوا، ويُعد أول كاتب دراما معروف في هذا السياق. اشتهر بعمله الكوميدي كوتسوركوفو (1830)، وهو عمل هجائي على الطريقة الريفية، يرفع فيه من شأن اللغة المحلية، ويسخر بشدة من انتشار اللغتين اللاتينية والمجرية.
شهرزاد