بدأت جابرييلا السباق بصورة طبيعية بل إنها كانت في معظم مراحله من المنافسات الأوائل، ربما تكون قلة الخبرة بهذا النوع من المسابقات الذي يعتمد على قياس قوة التحمل وعدم تقديرها لحرارة الجو وقتها كانا السبب.
كانت تجري دون النظر للوراء أو جوانب الطريق فلم تلاحظ النقاط المعدة لكي يتناول المتسابقات المياه فيها للمحافظة على نسب الماء في أجسادهن داخل جو تعادل درجة حرارته 32 درجة مئوية ورطوبة تعادل نسبتها 90 في المائة، حيث لم يكن مسموحا تناول المياه سوى من هذه النقاط.
بدأت جابرييلا تشعر بالإعياء لكن إصرارها جعلها تتجاهل هذا الإحساس تماما، ليبدو واضحا عليها حين دخولها مضمار الملعب، لكنها تقول إن ضجة الجماهير التي بدأت في سماعها بدت كأنها المكافأة الأهم التي لن تتنازل عنها، تلك الجماهير التي قابلتها في البداية باستياء لكنها حين لاحظت أنها تبطئ من سرعتها لتتحول من الجري إلى المشي ثم ترنحها، بدأ التشجيع يعلو باسمها.
“كنت أعلم أنني لو توقفت أو جلست أو تلقيت أي مساعدة من أي نوع فستكون تلك هي النهاية، وكنت أرى المكان الذي يجب أن أذهب إليه”..
لذلك فعندما بدا أنها غير قادرة على المشي اقترب منها اثنان من الطاقم الطبي يعرضان المساعدة، فابتعدت عنهما خطوة دون أن تتوقف، خطوة كانت كفيلة بجعلها لا تسير إلى الأمام بل بشكل قُطري، لتعاني بصورة أكبر لكي تعود إلى خط سيرها الأصلي، كان جسدها يعاني من الإجهاد الحراري وتبدو على حافة الانهيار التام لكنها رأت خط النهاية فقاومت المساعدة كما قاومت الانهيار حين قالت إنها شعرت إن كبرياءها على المحك.
وصلت جابرييلا إلى خط النهاية بالفعل وانهارت بعد خطوة واحدة منه، ليتم حملها على عربة إسعاف لتتلقى العلاج، وتشفى بعدها لتشارك في عديد من المسابقات التالية، وقد وضعها زمنها في المرتبة السابعة والثلاثين من إجمالي أربع وأربعين متسابقة أنهين السباق.
لكن ما فعلته جابرييلا كان جديرا بالتذكر ربما أكثر من الفائزة الأولى في هذا السباق، كانت تجربة تعلمنا أن الصبر على أهدافنا إذا حافظنا عليه ربما يؤدي إلى أكثر مما نهدف إليه، خاصة إذا كنا بالفعل قد قطعنا شوطا في الطريق إلى هذا الهدف.
لقد علمتني تلك السيدة التي تلح صورتها على ذهني بين الحين والآخر على مدار أربعين عاما أن اليأس خطيئة كبرى.
ويمكنكم متابعة الجزء السابق من هذا المقال عبر الرابط التالي 👇🏻
جابرييلا أندرسون.. حين يكون اليأس خطيئة