شهرزاد
على الرغم من مرور أكثر من ستين عامًا على إطلاق أوبريت “الليلة الكبيرة”، فإنه لا يزال نابضًا بالحياة، منسجمًا مع المناسبات الدينية وطقوسها الروحانية. عمل فني زاخر يستلهم الواقع الشعبي والموروث العقائدي وعادات المصريين في مناسباتهم.
منذ أن بُدئ في “تمصير” عرائس الماريونت على يد ناجي شاكر في الخمسينيات، ظل يحلم بأن يتجاوز هذا الفن حدود المتعة البصرية، ليجسد سيرك الحياة، ويحرّك البشر أنفسهم.
تلاقت أفكاره مع كلمات صلاح جاهين، ورؤية المخرج صلاح السقا، وأنغام سيد مكاوي النابعة من البيئة الشعبية. ظهر الأوبريت لأول مرة في مايو 1961، بتصميم مصطفى كامل، وإخراج محمود بيومي، وغنّى فيه: شفيق جلال، عبده السروجي، محمد رشدي، إسماعيل شبانة، حورية حسن، شافية أحمد.
استغلّ جاهين وشاكر ورفاقهم قدرة المسرح على التأثير، فجعلوا العرائس هي كلمة السر. فالفن من وراء قناع يمتلك سحرًا خاصًا، أدى إلى توحّد الجمهور مع شخصيات مثل “الأراجوز” و”بائع الحمص”.
المخرج المصري صلاح السقا
عرض العمل الحياة الشعبية والموالد بذكاء نادر، واستطاعت العرائس أن تُمارس نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا جريئًا. وتمثّل شخصياته “الفلاحين والصعايدة وأهل القنال”.
ما يميز “الليلة الكبيرة” هو التفاعلية، فالجمهور يشارك في الحدث: “فتح عينك، تاكل ملبن. فينك فينك، تاكل ملبن. اوعى لجيبك، لا العيب عيبك، قرّبْ.. جرّبْ.. نشّنْ” العرائس تتحرك بردود أفعال حية.
فنان التحريك المصري ناجي شاكر
ظلت “الليلة الكبيرة” مصرية خالصة رغم أن فن العرائس وافد، وتمكنت من خلق شخصيات محلية نابضة بالحياة، تنمو وتتطور كأنها من لحم ودم، متحدية الزمن.
ويمكنم قراءة الأجزاء السابقة هنا 👇🏻
“الليلة الكبيرة” التي تتحدث فنسمع أنفسنا
“الليلة الكبيرة” التي تتحدث فنسمع أنفسنا-حلم لن يتكرر
