خالد الخميسي: الواقع الثقافي في مصر متردي و”تاكسي” بدايتي الحقيقية(٢)

يُقال إن بعض الكتب تزداد قيمةً بمرور الوقت، و”تاكسي” من هذه الكتب. في مايو الماضي، أطلقت دار ديوان نسخته الإنجليزية بمكتبة القاهرة الكبرى. قال الخميسي:

 

 

“إطلاقُ هذه النسخة ضروريٌ للقراء الناطقين بالإنجليزية في مصر والعالم العربي، رغم أني أرى أنه من المحزن أن الكثيرين يفضلون القراءة بالإنجليزية. لكن هذه حقيقة يجب التعامل معها”.

 

 

 

 

جاء “تاكسي” في لحظة تاريخية حرجة، قبيل ثورة يناير، وسط غليان شعبي عام. كان الخميسي قادرًا على قياس نبض الشارع بدقة، واختار بذكاء فئةً تعرف كل شيء: سائقي التاكسي. يتذكر: “بدأت الفكرة من إحساسي العميق بفساد النظام، وانهيار التعليم والاقتصاد. حتى المرشحون الذين عارضوا مبارك في 2005 أعلنوا لاحقًا تأييدهم له!”.

 

 

لم تكن براعة الكتاب فقط في محتواه، بل أيضًا في شكله الأدبي. دون أن يخطط، أعاد الخميسي إحياء “المقامة” بصيغة معاصرة. يشبه الكتاب “حديث عيسى بن هشام” لمحمد المويلحي (1907)، حيث يروي 58 حوارًا قصيرًا بلغة الشارع. يوضح:

 

 

“هي نفس الفكرة: راوٍ يخرج من الماضي ليستطلع حكايات الناس في الشارع. اللغة كانت مقصودة بوعيٍ كامل”.

 

 

 

القاهرة هي المدينة التي نشأ فيها الخميسي عام 1962، تحديدًا منطقة وسط البلد، وهو ابن الشاعر عبد الرحمن الخميسي وأمه الممثلة فاتن الشوباشي، وبعد وفاة والدته إثر حادث في 23 يوليو عام 1968 انتقل للعيش في منزل جده الشاعر والناقد محمد مفيد الشوباشي بحي عابدين.

 

 

الممثلة المصرية فاتن الشوباشي  

 

كان لوسط البلد أثر كبير على الخميسي، كذلك منزل جده وأخواله علي وهدى وشريف الذي لم يخلو من استقبال المثقفين والفنانين، أمثال جمال الغيطاني وخيري بشارة ومحمد خان، وعادل إمام وصلاح السعدني وغيرهم، في ذلك البيت تشكلت هويته. يقول:

 

 

“كنتُ محاطًا بمناقشات عن السياسة والفن طوال الوقت. عائلتنا عارضت الانفتاح وربطتنا بقضية فلسطين”.

 

 

رغم حصوله على ماجستير في السياسة من السوربون وإنتاجه أعمالًا تلفزيونية ناجحة (مثل “طيور الشمس” ومسلسل “ظاظا وجرجير”)، إلا أن “تاكسي” كان نقطة التحول. يقول: “أدركتُ أنني كاتبٌ قبل أي شيء. هذا الكتاب فتح لي باب على الشارع”. بعده أصدر “سفينة نوح” (2009) عن هجرة المصريين إلى الخارج، و”الشمندر” عن سيرة ذاتية متخيلة لفنان تشكيلي يعيش في القاهرة، ما بين 1958 و2018، ويُنهي الآن روايته الثالثة “أجنحة المتاهة”.

 

 

 

 

يواصل الخميسي دوره الثقافي كرئيس مجلس إدارة مكتبة القاهرة الكبرى ومؤسس “دوم للثقافة” ورئيس مهرجان الحكي في القنا وملتقى القراءة في المنصورة، لكنه يشعر بهزيمة مريرة:

 

 

“حلمتُ بمصر أفضل، لكن الواقع الثقافي يتردى. لا يوجد تعليم يُنمّي التفكير النقدي، ولا حرية حقيقية”.

 

 

رغم ذلك، يحاول عبر مشاريعه أن يضيء ولو شمعة صغيرة في هذا الظلام.

 

 

يمكنكم قراءة الجزء الأول من الحوار مع الكاتب المصري خالد الخميسي هنا 👇

خالد الخميسي: الواقع الثقافي في مصر متردي و”تاكسي” بدايتي الحقيقية

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *