يعدك مشروع “ثلاثية بصرية من أرشيف بدوي” المقام داخل فيلا فيوليت بعمارة الشوربجي في وسط البلد، ضمن فعاليات أسبوع القاهرة للصورة، برحلة عكسية عبر الزمن، ترى فيها النسيج الاجتماعي المتنوع لأهل اسكندرية في ستينيات القرن الماضي.
تستقبلك في البداية لافتة قماشية مثبتة على باب سطح الفيلا مكتوب عليها “استديو بدوي للعائلات”، ثم صورة للمصور الصحفي الراحل “أحمد بدوي”، وبالداخل ترى صور توثق تاريخ الكرة السكندرية، إذ صور بدوي للاعب فريق الاتحاد “بوبو” بعد إصابة شهيرة وقعت له في الكاميرون، وفي عمق السطح صورة كبيرة يظهر فيها جماهير الكرة في حالة فرح وحماس داخل مدرجات استاد الإسكندرية الذي يحتضن سور الإسكندرية.
تُعد تلك المرة الثانية التي يعرض فيها المصورون؛ عبد العزيز بدوي، حازم جودة وأحمد ناجي دراز، أرشيف “بدوي”، يقول جودة:
❝ اتعاملنا إن المعرض يبقى زي البيت، بيمثل النسيج الكامل للحياة السكندرية، من ستينيات القرن الماضي حتى أوائل السبعينات ❝
داخل الفيلا المعروفة باسم “الفيلا الحمراء”، تحكي كل غرفة عن جانب مختلف من صور بدوي، فهنا صور عن مسيرة تأييد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الاستفتاء الرئاسي عام 1964، وفي الحائط المقابل صور الجنازة الرمزية التي نزلها أطياف متنوعة من السكندريين عام 1970، فيما صاحب العرض صوت عبد الناصر في خطبة بميدان المنشية عام 1954.
في الغرف المجاورة؛ بورتريهات لأشخاص، صور أفراح ومناسبات، أسر تتنزه في عيد الفطر بحديقة ساعة الزهور، أحد معالم المدينة في ذلك الوقت.
الزمن كان عاملًا مهمًا وموجود بأشكال مختلفة داخل المعرض، فبجانب تعليق الصور على ورق حائط باهت عليه ورود بارزة، وُضعت صور نيجاتيف تبدو تالفة بسبب الرطوبة العالية داخل بدروم استديو بدوي، في رسالة بأن الأشياء لها جمالها أيضًا حتى مع مرور الزمن.
“ثلاثية بصرية” هو نتاج رحلة خمس سنوات عمل خلالها المصورين الثلاثة على أرشفة وترميم 115 صورة، تُعرض للمرة الأولى، وقد كان أحمد بدوي بمثابة الجد فقط لعبد العزيز، كما يقول في حديثه، لكن منذ خمسة أعوام بدأت رحلته في عمق الحياة العملية لجده المصور، الذي اكتشف من خلالها إبداعه.
داخل غرفة صغيرة تنتهي تلك الرحلة بصور بالأبيض والأسود لكوبري ستانلي والشاطئ الخاص به، فيما يصاحبها صوت بدوي قائلًا “المصور بيقف على الزمن بالصورة”، ويختم كلامه بتساؤل مرير:
❝ فين البراح اللي كنا عايشين فيه! فين البحر اللي كنا بنشوفه!❝
وكأنه يعبر عن حسرة كثيرين على مدينة حاربت الزمن على مدار قرون عديدة، ولازالت تقاوم حتى الآن.